تفسير البغوي - البغوي - ج ٣ - الصفحة ٦١
سورة النحل سورة النحل من الآية 1 وحتى الآية 2 1 (أتى) أي جاء ودنا وقرب (أمر الله) قال ابن عرفة تقول العرب أتاك الأمر وهو متوقع بعد أي أتى أمر الله وعده (فلا تستعجلوه) وقوعا (أمر الله) قال الكلبي وغيره المراد منه القيامة قال ابن عباس لما نزل قوله تعالى (اقتربت الساعة) قال الكفار بعضهم لبعض إن هذا يزعم أن القيامة قد قربت فأمسكوا عن بعض ما كنتم تعملون حتى تنظروا ما هو كائن فلما لم ينزل شيء قالوا ما نرى شيئا فنزل قوله (اقترب للناس حسابهم) فاشفقوا فلما امتدت الأيام قالوا يا محمد ما نرى شيئا مما تخوفنا به فأنزل الله تعالى (أتى أمر الله) فوثب النبي صلى الله عليه وسلم ورفع الناس رؤوسهم وظنوا أنها قد أتت حقيقة فنزلت (فلا تستعجلوه) فاطمأنوا والاستعجال طلب الشيء قبل حينه ولما نزلت هذه الآية قال النبي صلى الله عليه وسلم \ بعثت أنا والساعة كهاتين وأشار بأصبعيه وإن كادت لتسبقني \ قال ابن عباس كان بعث النبي صلى الله عليه وسلم من أشراط الساعة ولما مر جبريل عليه السلام بأهل السماوات مبعوثا إلى محمد صلى الله عليه وسلم قالوا الله أكبر قامت الساعة وقال قوم المراد بالأمر ها هنا عقوبة المكذبين والعذاب بالسيف وذلك أن النضر بن الحارث قال اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء فاستعجل العذاب فنزلت هذه الآية وقتل النضر يوم بدر صبرا (سبحانه وتعالى عما يشركون) معناه تعاظم الأوصاف الحميدة عما يصفه به المشركون 2 (ينزل الملائكة) قرأ العامة بضم الياء وكسر الزاي (والملائكة) نصب وقرأ يعقوب بالتاء وفتحها وفتح الزاي و (الملائكة) رفع (ينزل الملائكة بالروح) بالوحي سماه روحا لأنه يحيي به القلوب والحق قال عطاء بالنبوة وقال قتادة بالرحمة قال أبو عبيدة بالروح يعني مع الروح هو جبرائيل (من أمره على من يشاء من عباده أن أنذروا) أعلموا (أنه لا إله إلا أنا فاتقون) وقيل معناه مروهم بقول لا إله إلا الله منذرين مخوفين بالقرآن إن لم يقولوا وقوله فاتقون أي فخافون
(٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 ... » »»