تفسير البغوي - البغوي - ج ٣ - الصفحة ٥٨
سورة الحجر من الآية 89 وحتى الآية 95 في الدنيا روي أن سفيان بن عيينة تأول قول النبي صلى الله عليه وسلم ليس منا من لم يتغن بالقرآن أي من لم يستغن بالقرآن وتأويل هذه الآية قوله تعالى (واخفض جناحك) لين جانبك (للمؤمنين) وارفق بهم والجناحان من ابن آدم جانباه 89 (وقل إني أنا النذير المبين) 90 (كما أنزلنا على المقتسمين) قال الفراء مجازه أنذركم عذابا كعذاب المقتسمين حكي عن ابن عباس أنه قال هم اليهود والنصارى 91 (الذين جعلوا القرآن عضين) جزؤه فجعلوه أعضاء فآمنوا ببعضه وكفروا ببعضه وقال مجاهد هم اليهود والنصارى قسموا كتابهم ففرقوه وبدلوه وقيل المقتسمون قوم اقتسموا القرآن فقال بعضهم سحر وقال بعضهم شعر وقال بعضهم كذب وقال بعضهم أساطير الأولين وقيل الاقتسام هو أنهم فرقوا القول في رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا ساحر كاهن شاعر وقال مقاتل كانوا ستة عشر رجلا بعثهم الوليد بن المغيرة أيام الموسم فاقتسموا عقاب مكة وطرفها وقعدوا على نقابها فيقولون لمن جاء من الحجاج لا تغتروا بهذا الرجل الخارج الذي يدعي النبوة منا وتقول طائفة منهم إنه مجنون وطائفة إنه كاهن وطائفة إنه شاعر والوليد قاعد على باب المسجد نصبوه حكما فإذا سئل عنه قال صدق أولئك يعني المقتسمين وقوله (عضين) قيل هو جمع عضو مأخوذ من قولهم عضيت الشيء تعضية إذا فرقته ومعناه أنهم جعلوا القرآن أعضاء فقال بعضهم سحر وقال بعضهم كهانة وقال بعضهم أساطير الأولين وقيل هو جمع عضة يقال عضة وعضين مثل برة وبرين وعزة وعزين وأصلها عضة ذهبت هاؤها الأصلية كما نقصوا من الشفة وأصلها شفهة بدليل أنك تقول في التصغير شفيهة والمراد بالعضة الكذب والبهتان وقيل المراد بالعضين العضة وهو السحر يريد أنهم سمعوا القرآن سحرا 92 (فوربك لنسألنهم أجمعين) يوم القيامة 93 (عما كانوا يعملون) في الدنيا قال محمد بن إسماعيل قال عدة من أهل العلم عن قوله لا إله إلا الله فإن قيل كيف الجمع بين هذه الآية وبين قوله تعالى (فيومئذ لا يسأل عن ذنبه إنس ولا جان) قيل قال ابن عباس لا يسألهم هل عملتم لأنه أعلم بهم منهم ولكن يقول لم عملتم كذا وكذا واعتمده قطرب فقال السؤال ضربان سؤال استعلام وسؤال توبيخ فقوله تعالى (فيومئذ لا يسأل عن ذنبه إنس ولا
(٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 ... » »»