تفسير البغوي - البغوي - ج ٣ - الصفحة ٦٢
سورة النحل من الآية 3 وحتى الآية 8 3 (خق السماوات والأرض بالحق تعالى عما يشركون) أي ارتفع عما يشركون 4 (خلق الإنسان من نطفة فإذا هو خصيم) جدل بالباطل (مبين) نزلت في أبي بن خلف الجمحي وكان ينكر البعث جاء بعظم رميم فقال أتقول إن الله تعالى يحيي هذا بعدما قد رم كما قال جل ذكره (وضرب لنا مثلا ونسي خلقه) نزلت فيه أيضا والصحيح أن الآية عامة وفيها بيان القدرة وكشف قبيح ما فعلوه من جحود نعم الله مع ظهورها عليهم 5 قوله تعالى (والأنعام خلقها) يعني الإبل والبقر والغنم (لكم فيها دفء) يعني من أوبارها وأشعارها وأصوافها ملابس ولحفا تستدفئون بها (ومنافع) بالنسل والدر والركوب والحمل وغيرها (ومنها تأكلون) يعني لحومها 6 (ولكم فيها جمال) زينة (حين تريحون) أي حين تردونها بالعشي من مراعيها إلى مباركها التي تأوي إليها (وحين تسرحون) أي تخرجونها بالغداة من مراحها إلى مسارحها وقدم الرواح لأن المنافع تؤخذ منها بعد الرواح ومالكها يكون أعجب بها إذا راحت 7 (وتحمل أثقالكم) أحمالكم (إلى بلد) آخر غير بلدكم قال عكرمة البلد مكة (لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس) أي بالمشقة والجهد والشق النصف أيضا أي لم تكونوا بالغيه إلا بنقصان قوة النفس وذهاب نصفها وقرأ أبو جعفر (بشق) بفتح الشين وهما لغتان مثل رطل ورطل (إن ربكم لرءوف رحيم) بخلقه حيث جعل لكم هذه المنافع 8 (والخيل) يعني وخلق الخي وهي اسم جنس لا واحد له من لفظه كالإبل والنساء والسماء (والبغال والحمير لتركبوها وزينة) يعني وجعلها زينة لكم مع المنافع التي فيها واحتج بهذه الآية من حرم لحوم الخيل وهو قول ابن عباس وتلا هذه الآية فقال هذه للركوب وإليه ذهب الحكم ومالك وأبو حنيفة وذهب جماعة إلى إباحة لحوم الخيل وهو قول الحسن وشريح وعطاء وسعيد بن جبير وبه قال الشافعي وإسحاق ومن أباحها قال ليس المراد من الآية بيان التحليل والتحريم بل المراد منه تعريف الله عباده نعمه وتنبيههم على كمال قدرته وحكمته واحتجوا بما أخبرنا عبد الواحد المليحي أنا أحمد بن
(٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 ... » »»