تفسير البغوي - البغوي - ج ٣ - الصفحة ٥٩
جان) يعني استعلاما وقوله (لنسألنهم أجمعين) يعني توبيخا وتقريعا وقال عكرمة عن ابن عباس في الآيتين إن يوم القيامة يوم طويل فيه مواقف مختلفة يسألون في بعض المواقف ولا يسألون في بعضها نظير ذلك قوله تعالى (هذا يوم لا ينطقون) وقال في آية أخرى (ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون) 94 قوله تعالى (فاصدع بما تؤمر) قال ابن عباس أظهره ويروى عنه أمضه وقال الضحاك أعلم وقال الأخفش أفرق أي أفرق بالقرآن بين الحق والباطل وقال سيبويه اقض بما تؤمر وأصل الصدع الفصل والفرق أمر النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الآية بإظهار الدعوة وروي عن عبد الله بن عبيدة قال كان مستخفيا حتى نزلت هذه الآية فخرج هو وأصحابه (وأعرض عن المشركين) نسختها آية القتال 95 (إنا كفيناك المستهزئين) يقول الله تعالى لنبيه فاصدع بأمر الله ولا تخف أحدا غير الله عز وجل فإن الله كافيك من عاداك كما كفاك المستهزئين وهم خمسة نفر من رؤساء قريش الوليد بن المغيرة المخزومي وكان رأسهم والعاص بن وائل السهمي والأسود بن عبد المطلب بن الحارث بن أسد بن عبد العزي بن زمعة وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد دعا عليه فقال \ اللهم أعم بصره واثكله بولده \ والأسود بن عبد يغوث بن وهب بن عبد مناف بن زهرة والحارث بن قيس بن الطلاطلة فأتى جبريل النبي صلى الله عليه وسلم والمستهزئون يطوفون بالبيت فقام جبريل وقام النبي صلى الله عليه وسلم إلى جنبه فمر به الوليد بن المغيرة فقال جبريل يا محمد كيف تجد هذا فقال بئس عبد عبد الله فقال قد كفيته وأومأ إلى ساق الوليد فمر برجل من خزاعة نبال بريش نباله وعليه برد يمان وهو يجر إزاره فتعلقت شظية من نبل بإزاره فمنعه الكبر أن يطاطىء رأسه فينزعها وجعلت تضرب ساقه فخدشته فمرض منها فمات ومر به العاص بن وائل فقال جبريل كيف تجد هذا يا محمد قال بئس عبد الله فأشار جبريل إلى أخمص قدميه وقال قد كفيته فخرج على راحلته ومعه ابنان له يتنزه فنزل شعبا من تلك الشعاب فوطىء على شبرقة فدخلت منها شوكة في أخمص رجله فقال لدغت لدغت فطلبوا فلم يجدوا شيئا وانتفخت رجله حتى صارت مثل عنق البعير فمات مكانه ومر به الأسود بن المطلب فقال جبريل كيف تجد هذا قال عبد سوء فأشار بيده إلى عينيه وقال قد كفيته فعمي قال ابن عباس رماه جبريل بورقة خضراء فعمي فذهب ضوء بصره ورجعت عيناه فجعل يضرب برأسه الجدار حتى هلك وفي رواية الكلبي أتاه جبريل وهو قاعد في أصل شجرة ومعه غلام له فجعل ينطح رأسه بالشجرة ويضرب وجهه بالشوك فاستغاث بغلامه فقال غلامه لا أرى أحدا يصنع بك شيئا غير نفسك حتى مات وهو يقول قتلني رب محمد ومر به الأسود بن عبد يغوث فقال جبريل كيف تجد هذا يا محمد قال بئس عبد الله على أنه ابن خالي فقال قد كفيته وأشار إلى بطنه فاستسقى بطنه فمات حينا وفي رواية الكلبي أنه خرج من أهله فأصابه السموم فاسود حتى عاد حبشيا فأتى أهله فلم يعرفوه وأغلقوا دونه الباب حتى مات وهو يقول قتلني رب محمد ومر به الحارث بن قيس فقال جبريل كيف تجد هذا يا محمد فقال عبد سوء فأومأ إلى رأسه وقال قد كفيته فامتخط قيحا فقتله وقال ابن
(٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 ... » »»