تفسير البغوي - البغوي - ج ٣ - الصفحة ٣٥٩
رضي الله عنهما قال إن لم يكن في البيت أحد فليقل السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين السلام على أهل البيت ورحمة الله وروى عمرو بن دينار عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى (فإذا دخلتم بيوتا فسلموا على أنفسكم) قال إذا دخلت المسجد فقل السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين (تحية من عند الله) نصب على المصدر أي تحيون تحية (مباركة طيبة) وقال ابن عباس رضي الله عنهما حسنة جميلة وقيل ذكر البركة والطيبة هاهنا لما فيه من الثواب والأجر (كذلك يبين الله لكم الآيات لعلكم تعقلون) 62 (إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله وإذا كانوا معه) أي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم (على أمر جامع) يجمعهم من حرب حضرت أو صلاة أو جمعة أو عيد أو جماعة أو تشاور في أمر نزل (لم يذهبوا) لم يتفرقوا عنه لم ينصرفوا عما اجتمعوا له من الأمر (حتى يستأذنوه) قال المفسرون كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صعد المنبر يوم الجمعة وأراد الرجل أن يخرج من المسجد لحاجة أو عذر لم يخرج حتى يقوم بحيال رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث يراه فيعرف أنه إنما قام يستأذن فيأذن لمن شاء منهم قال مجاهد وإذن الإمام يوم الجمعة أن يشير بيده قال أهل العلم وكذلك كل أمر اجتمع عليه المسلمون مع الإمام لا يخالفونه ولا يرجعون عنه إلا بإذن وإذا استأذن فللإمام إن شاء أذن له وإن شاء لم يأذن وهذا إذا لم يكن له سبب يمنعه من المقام فإن حدث سبب يمنعه من المقام بأن يكون في المسجد فتحيض منهم امرأة أو يجنب رجل أو يعرض له مرض فلا يحتاج إلى الاستئذان (إن الذين يستأذنونك أولئك الذين يؤمنون بالله ورسوله فإذا استأذنوك لبعض شأنهم) أي أمرهم (فأذن لمن شئت منهم) في الانصراف معناه إن شئت فأذن وإن شئت فلا تأذن (واستغفر لهم الله إن الله غفور رحيم) 63 (لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا) قال ابن عباس رضي الله عنهما يقول احذروا دعاء الرسول عليكم إذا أسخطتموه فإن دعاءه موجب لنزول البلاء بكم ليس كدعاء غيره وقال مجاهد وقتادة لا تدعوه باسمه كما يدعو بعضكم بعضا يا محمد يا عبد الله ولكن فخموه وشرفوه فقولوا يا نبي الله يا رسول الله في لين وتواضع (قد يعلم الله الذين يتسللون) أي يخرجون (منكم لواذا) أي يستر بعضهم بعضا ويروغ في خيفة فيذهب واللواذ مصدر لاوذ يلاوذ ملاوذة ولواذا قيل كان هذا في حفر الخندق فكان المنافقون ينصرفون عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مختفين قال ابن عباس رضي الله عنه لواذا أي يلوذ بعضهم ببعض وذلك أن المنافقين كان يثقل عليهم المقام في المسجد يوم الجمعة واستماع خطبة النبي صلى الله عليه وسلم فكانوا يلوذون ببعض أصحابه فيخرجون من المسجد في استتار ومعنى قوله (قد يعلم الله) للتهديد بالمجازاة (فليحذر الذين يخالفون عن أمره) أي أمره و (عن) صلة وقيل معناه يعرضون عن أمره وينصرفون عنه بغير إذنه (أن تصيبهم فتنة) أي لئلا تصيبهم فتنة قال مجاهد بلاء في الدنيا (أو يصيبهم عذاب أليم) وجيع في الآخرة وقيل عذاب أليم عاجل في الدنيا ثم عظم نفسه
(٣٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 354 355 356 357 358 359 360 361 362 363 364 ... » »»