سورة الفرقان من الآية 41 وحتى الآية 44 فأهلك الله أربعا منها وبقيت واحدة وهي أصغرها وكان أهلها لا يعملون العمل الخبيث (أفلم يكونوا يرونها) إذ مروا بهم في أسفارهم فيعتبروا ويتفكروا لأن مدائن قوم لوط كانت على طريقهم عند ممرهم إلى الشام (بل كانوا لا يرجون) لا يخافون (نشورا) بعثا 41 قوله عز وجل (وإذا رأوك إن يتخذونك) يعني ما يتخذونك (إلا هزوا) يعني مهزوءا به نزلت في أبي جهل كان إذ مر بأصحابه على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال مستهزئا (أهذا الذي بعث الله رسولا) 42 (إن كاد ليضلنا) يعني قد قارب أن يضلنا (عن آلهتنا لولا أن صبرنا عليها) يعني لو لم نصبر عليها لصرفنا عنها (وسوف يعلمون حين يرون العذاب من أضل سبيلا) من أخطأ طريقا 43 (أرأيت من اتخذ إلهه هواه) وذلك أن الرجل من المشركين كان يعبد الحجر فإذا رأى حجرا أحسن منه طرح الأول وأخذ الآخر فعبدوه وقال ابن عباس أرأيت من ترك عبادة الله وخالقه ثم هوى حجرا فعبده ما حاله عندي (أفأنت تكون عليه وكيلا) يعني حافظا يقول أفأنت عليه كفيل تحفظه من اتباع هواه وعبادة من يهوى من دون الله أي لست كذلك قال الكلبي نسختها آية القتال 44 (أم تحسب أن أكثرهم يسمعون) ما تقول سماع طالب الإفهام (أو يعقلون) ما يعاينون من الحجج والإعلام (إن هم) ما هم (إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا) لأن البهائم تهتدي لمراعيها ومشاربها وتنقاد لأربابها الذين يتعهدونها وهؤلاء الكفار لا يعرفون طريق الحق ولا يطيعون ربهم الذي خلقهم ورزقهم ولأن الأنعام تسجد وتسبح لله وهؤلاء الكفار لا يفعلون 45 قوله عز وجل (ألم تر إلى ربك كيف مد الظل) معناه ألم تر إلى مد ربك الظل وهو ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس جعله ممدودا لأنه ظل لا شمس معه كما قال (في ظل الجنة) (وظل ممدود) لم يكن معه شمس (ولو شاء لجعله ساكنا) أي دائما ثابتا لا يزول ولا تذهبه الشمس قال أبو عبيدة الظل ما نسخته الشمس وهو بالغداة والفيء ما نسخ الشمس وهو بعد الزوال سمي فيئا لأنه فاء من جانب المشرق إلى جانب المغرب (ثم جعلنا الشمس عليه دليلا) يعني على الظل ومعنى دلالتها عليه أنه لو لم تكن الشمس لما عرف الظل ولولا النور لما عرفت الظلمة والأشياء تعرف بأضدادها
(٣٧٠)