تفسير البغوي - البغوي - ج ٣ - الصفحة ٣٥٠
سورة النور من الآية 41 وحتى الآية 42 الكلام عند قوله (سحاب) ثم ابتدأ فقال (ظلمات) (بعضها فوق بعض) ظلمة السحاب وظلمة الموج وظلمة البحر بعضها فوق بعض أي ظلمة الموج على ظلمة البحر وظلمة الموج فوق الموج وظلمة السحاب على ظلمة الموج وأراد بالظلمات أعمال الكافر وبالبحر اللجي قلبه وبالموج ما يغشى قلبه من الجهل والشك والحيرة وبالسحاب الختم والطبع على قلبه قال أبي بن كعب في هذه الآية الكافر ينقلب في خمسة أيام من الظلم فكلامه ظلمة وعمله ظلمة ومدخله ظلمة ومخرجه ظلمة ومصيره إلى الظلمات يوم القيامة إلى النار (إذا أخرج) يعني الناظر (يده لم يكد يراها) يعني لم يقرب من أن يراها من شدة الظلمة وقال الفراء (يكد) صلة أي لم يرها قال المبرد يعني لم يرها إلا بعد الجهد كما يقول القائل ما كدت أراك من الظلمة وقد رآه ولكن بعد يأس وشدة وقيل معناه قرب من رؤيتها ولم يرها كما يقال كاد النعام يطير (ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور) قال ابن عباس من لم يجعل الله له دينا وإيمانا فلا دين له وقيل من لم يهده الله فلا إيمان له ولا يهديه أحد وقال مقاتل نزلت هذه الآية في عتبة بن ربيعة بن أمية كان يلتمس الدين في الجاهلية ويلبس المسوح فلما جاء الإسلام كفر والأكثرون على أنه عام في جميع الكفار 41 قوله تعالى (ألم تر أن الله يسبح له من في السماوات والأرض والطير صافات) باسطات أجنحتهن بالهواء قيل خص الطير بالذكر من جملة الحيوان لأنها تكون بين السماء والأرض فتكون خارجة عن حكم من في السماء والأرض (كل قد علم صلاته وتسبيحه) قال مجاهد الصلاة لبني آدم والتسبيح لسائر الخلق وقيل إن ضرب الأجنحة صلاة الطير وصوته تسبيحه قوله (كل قد علم) أي كل مصل ومسبح علم الله صلاته وتسبيحه وقيل معناه كل مصل ومسبح منهم قد علم صلاة نفسه وتسبيحه (والله عليم بما يفعلون) 42 (ولله ملك السماوات والأرض وإلى الله المصير) 43 (ألم تر أن الله يزجي) يعني يسوق بأمره (سحابا) إلى حيث يريد (ثم يؤلف بينه) يعني بجمع بين قطع السحاب المتفرقة بعضها إلى بعض (ثم يجعله ركاما) متراكما بعضه فوق بعض (فترى الودق) يعني المطر (يخرج من خلاله) وسطه وهو جمع الخلل كالجبال جمع الجبل (وينزل من السماء من جبال فيها من
(٣٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 345 346 347 348 349 350 351 352 353 354 355 ... » »»