تفسير البغوي - البغوي - ج ٣ - الصفحة ٣٥٣
سورة النور من الآية 52 وحتى الآية 55 على ما عمل من الذنوب (ويتقه) فيما بعده (فأولئك هم الفائزون) الناجون قرأ أبو عمرو وأبو بكر (يتقه) ساكنة الهاء ويختلسها أبو جعفر ويعقوب وقالون كما في نظائرها ويشبعها الباقون كسرا وقرأ حفص (يتقه) بسكون القاف واختلاس الهلاء وهذه اللغة إذا سقطت الياء للجزم يسكنون ما قبلها يقولون لم أشتر طعاما بسكون الراء 53 قوله تعالى (وأقسموا بالله جهد أيمانهم) جهد اليمين أن يحلف بالله ولا حلف فوق الحلف بالله (لئن أمرتهم ليخرجن) وذلك أن المنافقين كانوا يقولون لرسول الله صلى الله عليه وسلم أينما كنت نكن معك لئن خرجت خرجنا وإن أقمت أقمنا وإن أمرتنا بالجهاد جاهدنا فقال تعالى (قل) لهم (لا تقسموا) لا تحلفوا وقد تم الكلام ثم قال (طاعة معروفة) يعني هذه طاعة بالقول وباللسان دون الاعتقاد وهي معروفة يعني أمر عرف منكم أنكم تكذبون وتقولون ما لا تفعلون هذا معنى قول مجاهد رضي الله عنه وقيل معناه طاعة معروفة بنية خالصة أفضل وأمثل من يمين باللسان لا يوافقها الفعل وقال مقاتل بن سليمان لكن منكم طاعة معروفة (إن الله خبير بما تعملون) 54 (قل أطيعوا الله وأطيعوا الرسول فإن تولوا) يعني تولوا عن طاعة الله ورسوله (فإنما عليه ما حمل) يعني على الرسول ما كلف وأمر به من تبليغ الرسالة (وعليكم ما حملتم) من الإجابة والطاعة (وإن تطيعوه وتهتدوا وما على الرسول إلا البلاغ المبين) أي التبليغ البين 55 قوله تعالى (وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض) قال أبو العالية في هذه الآية مكث النبي صلى الله عليه وسلم بمكة بعد الوحي عشر سنين مع أصحابه وأمروا بالصبر على أذى الكفار وكانوا يصبحون ويمسون خائفين ثم أمروا بالهجرة إلى المدينة وأمروا بالقتال وهم على خوفهم لا يفارق أحد منهم سلاحه فقال رجل منهم أما يأتي علينا يوم نؤمن فيه ونضع السلاح فأنزل الله هذه الآية (وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم) أدخل اللام لجواب اليمين المضمرة يعني والله ليستخلفنهم أي ليورثنهم أرض الكفار من العرب والعجم فيجعلهم ملوكها وساستها وسكانها (كما استخلف الذين
(٣٥٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 348 349 350 351 352 353 354 355 356 357 358 ... » »»