تفسير البغوي - البغوي - ج ٣ - الصفحة ٣٣٩
استثناها الله تعالى قال سعيد بن جبير والضحاك والأوزاعي هو الوجه والكفان وقال ابن مسعود هي الثياب بدليل قوله تعالى (خذوا زينتكم عند كل مسجد) وأراد بها الثياب وقال الحسن الوجه والثياب وقال ابن عباس الكحل والخاتم والخضاب في الكف فما كان من الزينة الظاهرة جاز للرجل الأجنبي النظر إليه إذا لم يخف فتنة وشهوة فإن خاف شيئا منها غض البصر وإنما رخص في هذا القدر أن تبديه المرأة من بدنها لأنه ليس بعورة وتؤمر بكشفه في الصلاة وسائر بدنها عورة يلزمها ستره قوله عز وجل (وليضربن بخمرهن على جيوبهن) شققن مروطهن فاختمرن بها (ولا يبدين زينتهن) يعني الزينة الخفية التي لم يبح لهن كشفها في الصلاة ولا للأجانب وهو ما عدا الوجه والكفين (إلا لبعولتهن) قال ابن عباس ومقاتل يعني لايضعن الجلباب ولا الخمار إلا لبعولتهن أي إلا لأزواجهن (أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بني إخوانهن أو بني أخواتهن) فيجوز لهؤلاء أن ينظروا إلى الزينة الباطنة ولا ينظرون إلى ما بين السرة والركبة ويجوز للزوج أن ينظر إلى جميع بدنها غير أنه يكره له النظر إلى فرجها قوله تعالى (أو نسائهن) أراد أنه يجوز للمرأة أن تنظر إلى بدن المرأة إلا ما بين السرة والركبة كالرجل المحرم هذا إذا كانت المرأة مسلمة فإن كانت كافرة فهل يجوز للمسلمة أن تنكشف لها اختلف أهل العلم فيه فقال بعضهم يجوز كما يجوز أن تنكشف للمرأة المسلمة لأنها من جملة النساء وقال بعضهم لا يجوز لأن الله تعالى قال (أو نسائهن) والكافرة ليست من نسائنا ولأنها أجنبية في الدين وكانت أبعد من الرجل الأجنبي كتب عمر بن الخطاب إلى أبي عبيدة بن الجراح أن يمنع نساء أهل الكتاب أن يدخلن الحمام مع المسلمات قوله تعالى (أو ما ملكت أيمانهن) اختلفوا فيها فقال قوم عبد المرأة محرم لها فيجوز له الدخول عليها إذا كان عفيفا وأن ينظر إلى بدن مولاته إلا ما بين السرة والركبة كالمحارم وهو ظاهر القرآن وروي ذلك عن عائشة وأم سلمة وروى ثابت عن اأنس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أتى فاطمة بعبد قد وهبه لها وعلى فاطمة ثوب إذا أقنعت به رأسها لم يبلغ رجليها وإذا غطت رجليها لم يبلغ رأسها فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما تلقى قال \ إنه ليس عليك بأس إنما هو أبوك وغلامك \ وقال قوم هو كالأجنبي معها وهو قول سعيد بن المسيب وقال المراد من الآية الإماء دون العبيد وعن ابن جريج أنه قال أو نسائهن أو ما ملكت أيمانهن أنه لا يحل لامرأة مسلمة أن تتجرد بين يدي امرأة مشركة إلا أن تكون تلك المرأة المشركة أمة لها قوله (أو التابعين غير أولي الإربة من الرجال) قرأ أبو جعفر وابن عافر وأبو بكر غير بنصب الراء على القطع لأن (التابعين) معرفة و (غير) نكرة وقيل بمعنى (إلا) فهو استثناء معناه يبدين زينتهن للتابعين إذ ذا الإربة منهم فإنهن لا يبدين زينتهن لمن كان منهم ذا إربة وقرأ الآخرون بالجر على نعت (التابعين) والإربة والإرب الحاجة والمراد ب (التابعين غير أولي الإربة) هم الذين يتبعون القوم ليصيبوا من فضل طعامهم لا همة لهم إلا ذلك ولا حاجة لهم في النساء وهو قول
(٣٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 334 335 336 337 338 339 340 341 342 343 344 ... » »»