إذا قعد وغير ذلك وروي عن ابن عباس أن موسى كان يحمل عليها زاده وسقاءه فجعلت تماشيه وتحادثة وكان يضرب بها الأرض فيخرج ما يأكل يومه ويركزها فيخرج الماء فإذا رفعها ذهب الماء وإذا اشتهى ثمرة ركزها فجعلت تماشيه غصنا كالشجرة وأورقت وأثمرت وإذا أراد الاستقاء من البئر أدلاها فطالت على طول البئر وصارت شعبتاها كالدلو حتى يستقي وكانت تضيء بالليل بمنزلة السراج وإذا ظهر له عدو كانت تحارب وتناضل عنه 19 (قال) الله تعالى (ألقها يا موسى) انبذها قال وهب ظن موسى أنه يقول ارفضها 20 (فألقاها) على وجه الرفض ثم حانت منه نظرة (فإذا هي حية) صفراء من أعظم ما يكون من الحيات (تسعى) تمشي بسرعة على بطنها وقال في موضع آخر (كأنها جان) وهي الحية الصغيرة الخفيفة الجسم وقال في موضع (ثعبان) وهو أكبر ما يكون من الحيات فأما الحية فإنها تجمع الصغير والكبير والذكر والأنثى وقيل الجان عبارة عن ابتداء حالها فإنها كانت حية على قدر العصا ثم كانت تتورم وتنتفخ حتى صارت ثعبان والثعبان عبارة عن انتهاء حالها وقيل إنها كانت في عظم الثعبان وسرعة الجان قال محمد بن إسحاق نظر موسى فإذا العصا حية من أعظم ما يكون من الحيات صارت شعبتاها شدقين لها والمحجن عنقا لها وعرفا تهتز كالنيازك وعيناها تتقدان كالنار تمر بالصخرة العظيمة مثل الحلقة من الإبل فتلقمها وتقصف الشجرة العظيمة بأنيابها ويسمع لأسنانها صريف عظيم فلما عاين ذلك موسى ولى مدبرا وهرب ثم ذكر ربه فوقف استحياء منه ثم نودي أن يا موسى أقبل وارجع حيث كنت فرجع وهو شديد الخوف 21 (قال خذها) بيمينك (ولا تخف سنعيدها سيرتها الأولى) هيئتها الأولى أي نرجها عصا كما كانت وكان على موسى مدرعة من صوف قد خللها بعيدان من الخلال فلما قال الله تعالى خذها لف طرف المدرعة على يده قال فأمر الله تعالى أن يكشف يده فكشفها وذكر بعضهم أنه لما لف كم المدرعة على يده قال له ملك أرأيت لو أذن الله بما تحاذره أكانت المدرعة تغني عنك شيئا قال لا ولكني ضعيف ومن ضعف خلقت فكشف عن يده ثم وضعها فإذا هي عصا كما كانت ويده في شعبتها في الموضع الذي كان يضعها إذا توكأ قال المفسرون أراد الله عز وجل أن يري موسى ما أعطاه من الآية التي لا يقدر عليها مخلوق لئلا يفزع منها إذا ألقاها عند فرعون وقوله (سيرتها) نصيب بحذف إلى يريد إلى سيرتها 22 قوله تعالى (واضمم يدك إلى جناحك) يعني إبطك قال مجاهد تحت عضدك وجناح الإنسان عضده إلى أصل إبطه (تخرج بيضاء) نيرة مشرقة (من غير سوء) من غير عيب والسوء هاهنا بمعنى البرص قال ابن عباس كان ليده نور ساطع يضيء بالليل والنهار كضوء الشمس والقمر (آية أخرى) يعني دلالة أخرى على صدقك سوى العصا 23 (لنريك من آياتنا الكبرى) ولم يقل الكبر لرؤوس الآي وقيل فيه إضمار معناه لنريك من آياتنا الكبرى دليله قول ابن عباس كانت يد موسى أكبر آياته
(٢١٥)