تفسير البغوي - البغوي - ج ٣ - الصفحة ٢١٤
سورة طه من الآية 15 وحتى الآية 23 أنا أبو عمر بكر بن محمد المزني أنا أبو بكر بن محمد بن عبد الله الحفيد أنا الحسين بن الفضل البجلي أنا عفان أنا همام أنا قتادة عن أنس قال قال النبي صلى الله عليه وسلم \ من نسي صلاة فليصلها إذا ذكرها لا كفارة لها إلا ذلك \ ثم قال سمعته يقول ذلك (أقم الصلاة لذكري) 15 (إن الساعة آتية أكاد أخفيها) قيل معناه إن الساعة آتية أخفيها وأكاد صلة وأكثر المفسرين قالوا معناه أكاد أخفيها من نفسي وكذلك هو في مصحف أبي بن كعب وعبد الله بن مسعود أكاد أخفيها من نفسي فكيف يعلمها مخلوق وفي بعض القراءة فكيف أظهرها لكم وذكر ذلك على عادة العرب إذا بالغوا في كتمان الشيء يقولون كتمت سرك من نفسي أي أخفيته غاية الاخفاء والله تعالى لا يخفى عليه شيء وقال أكاد أي أريد ومعنى الآية أن الساعة آتية أريد أخفيها والمعنى في إخفائها التهويل والتخويف لأنهم إذا لم يعلموا متى تقوم الساعة كانوا على حذر منها كل وقت وقرأ الحسن بفتح الألف أي أظهرها يقال خفيت الشيء إذا أظهرته وأخفيته إذا سترته قوله تعالى (لتجزى كل نفس بما تسعى) أي بما تعمل من خير وشر 16 (فلا يصدنك عنها) فلا يصرفنك عن الإيمان بالساعة (من لا يؤمن بها وابتع هواه) مراده خالف أمر الله (فتردى) أي فتهلك قوله عز وجل (وما تلك بيمينك يا موسى) سؤال تقرير والحكمة في هذا السؤال تنبيهه وتوقيفه على أنها عصا حتى إذا قلبها حية علم أنه معجزة عظيمة وهذا على عادة العرب يقول الرجل لغيره هل تعرف هذا وهو لا يشك أنه يعرفه ويريد أن ينضم إقراره بلسانه إلى معرفته بقلبه 18 (قال هي عصاي) قيل وكانت لها شعبتان وفي أسفلها سنان ولها محجن قال مقاتل اسمها نبعة (أتوكأ عليها) اعتمد عليها إذا مشيت وإذا عييت وعند الوثبة (وأهش بها على غنمي) أضرب بها الشجرة اليابسة ليسقط ورقها فترعاه الغنم وقرأ عكرمة (وأهس) بالسين غير المعجمة أي أزجر بها الغنم والهس زجر الغنم (ولي فيها مآرب أخرى) حاجات ومنافع أخرى جمع مأربه بفتح الراء ولم يقل (أخر) لرؤس الآي وأراد بالمأرب ما يستعمل فيه العصا في السفر فكان يحمل بها الزاد ويشد بها الحبل فيستقي الماء من البئر ويقتل بها الحيات ويحارب بها السباع ويستظل بها
(٢١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 209 210 211 212 213 214 215 216 217 218 219 ... » »»