تفسير البغوي - البغوي - ج ٣ - الصفحة ٢١٣
وجل من كرامته فجعل يقدح الزند فلا يورى فأبصر نارا من بعيد عن يسار الطريق من جانب الطور (فقال لأهله امكثوا) أقيموا قرأ حمزة بضم الهاء هاهنا وفي القصص (إني آنست) أي أبصرت (نارا لعلي آتيكم منها بقبس) قطعة من نار والقبس قطعة من نار يأخذها في طرف عمود من معظم النار (أو أجد على النار هدى) أي أجد عند النار من يدلني على الطريق 11 (فلما أتاها) رأى شجرة خضراء من أسفلها إلى أعلاها أطافت بها نار بيضاء تتقد كأضواء ما يكون فلا ضوء النار يغير خضرة الشجرة ولا خضرة الشجرة تغير ضوء النار قال ابن مسعود كانت الشجرة سمرة خضراء وقال قتادة ومقاتل والكلبي كانت من العوسج وقال وهب كانت من العليق وقيل كانت شجرة العناب وروي ذلك عن ابن عباس عنهما وقال أهل التفسير لم يكن الذي رآه موسى نارا بل كان نورا ذكر بلفظ النار لأن موسى حسبه نارا وقال أكثر المفسرين إنه نور الرب عز وجل وهو قول ابن عباس وعكرمة وغيرهما وقال سعيد بن جبير هي النار بعينها وهي إحدى حجب الله تعالى يدل عليه ما روينا عن أبي موسى الأشعري عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال \ حجابة النار لو كشفها الله لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه \ وفي القصة أن موسى أخذ شيئا من الحشيش اليابس وقصد الشجرة فكان كلما دنا نأت منه النار وإذا نأى دنت فوقف متحيرا وسمع تسبيح الملائكة وألقيت عليه السكينة (نودي يا موسى) 12 (إني أنا ربك) قرأ أبو جعفر وابن كثير وأبو عمرو وإني بفتح الألف على معنى نودي بأني وقرأ الآخرون بكسر الألف أي نودي فقيل إني أنا ربك قال وهب نودي من الشجرة فقيل يا موسى فأجاب سريعا لا يدري من دعاه فقال إني أسمع صوتك ولا أرى مكانك فأين أنت قال أنا فوقك ومعك وأمامك وخلفك وأقرب إليك من نفسك فعلم أن ذلك لا ينبغي إلا لله فأيقن به قوله عز وجل (فاخلع نعليك) وكان السبب فيه ما روي عن ابن مسعود مرفوعا في قوله (فاخلع نعليك) قال كانتا من جلد حمار ميت ويروى غير مدبوغ وقال عكرمة ومجاهد أمر بخلع النعلين ليباشر بقدمه تراب الأرض المقدسة فتناله بركتها لأنها قدست مرتين فخلعهما موسى وألقاهما من وراء الوادي (إنك بالواد المقدس) أي المطهر (طوى) وطوى اسم الوادي وقرأ أهل الكوفة والشام (طوى) بالتنوين ههنا وفي سورة النازعات وقرأ الآخرون بلا تنوين لأنه معدول به عن طاو فلما كان معدولا عن وجهه كان مصروفا عن إعرابه مثل عمر وزفر وقال الضحاك طوى واد مستدير عميق مثل الطوى في استدارته 13 (وأنا أخترتك) اصطفيتك برسالاتي قرأ حمزة وأنا مشددة النون اخترناك على التعظيم (فاستمع لما يوحى) إليك 14 (إنني أنا الله إلا أنا فاعبدوني) ولا تعبد غيري (وأقم الصلاة لذكري) قال مجاهد أقم الصلاة لتذكرني بها وقال مقاتل إذا تركت صلاة ثم ذكرتها فأقمها أخبرنا أحمد بن عبد الله الصالحي
(٢١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 208 209 210 211 212 213 214 215 216 217 218 ... » »»