تفسير البغوي - البغوي - ج ٢ - الصفحة ٤٢٦
سورة يوسف (37 38) بن مزاحم سئل عن قوله إنا نراك من المحسنين ما كان إحسانه قال كان إذا مرض إنسان في السجن عادة وقام عليه وإذا ضاق عليه المجلس وسع له وإذا احتاج إلى شئ جمع له شيئا وكان مع هذا يجتهد في العبادة ويقوم الليل كله للصلاة وقيل إنه لما دخل السجن وجد فيه قوما قد اشتد بلاؤهم وانقطع رجاؤهم وطال حزنهم فجعل يسليهم وجعل يقول أبشروا واصبروا تؤجروا فيقولون بارك الله فيك يا فتى ما أحسن وجهك وخلقك وحديثك لقد بورك لنا في جوارك فمن أنت يا فتى قال أنا يوسف بن صفي الله يعقوب بن ذبيح الله إسحاق بن خليل الله إبراهيم فقال له عامل السجن يا فتى والله لو استطعت لخليت سبيلك ولكن سأحسن جوارك فتمكن في أي بيوت السجن حيث شئت وروي أ الفتيين لما رأيا يوسف قالا له لقد أحببناك حين رأيناك فقال لهما يوسف أنشدكما بالله أن لا تحباني فوالله ما أحبني أحد قط إلا دخل علي من حبه بلاء لقد أحبتني عمتي فدخل علي البلاء لقد أحبني أبي فألقيت في الجب وأحبتني امرأة العزيز فحبست فلما قصا عليه الرؤيا كره يوسف أن يعبر لهما ما سألاه لما علم في ذلك من المكروه على أحدهما فأعرض عن سؤالهما وأخذ في غيره في إظهار المعجزة والدعاء إلى التوحيد قال لا يأتيكما طعام ترزقانه قيل أراد به في النوم يقول لا يأتيكما طعام من منازلكما ترزقانه في نومكما إلا نبأتكمت بتأويله في اليقظة وقيل أراد به في اليقظة لا يأتيكما طعام من منازلكما ترزقانه تطعمانه وتأكلانه إلا نبأتكما بتأويله بقدره ولونه والوقت الذي يصل فيه إليكما قبل أ يأتيكما قبل أ يصل إليكما وأي طعام أكلتم وكم أكلتم ومتى أكلتم فهذا مثل معجزة عيسى عليه السلام حيث قال وأنبئكم بما تأكلون وما تدخرون في بيوتكم فقالا هذا من فعل العرافين والكهنة فمن أين لك هذا العلم فقال ما أنا بكاهن وإنما ذلكما العلم مما علمني ربي إني تركت ملة قوم لا يؤمنون بالله وهم بالآخرة هم كافرون وتكرار هم على التأكيد واتبعت ملة آبائي إبراهيم وإسحق ويعقوب أظهر أنه من أولاد الأنبياء ما كان لنا ما ينبغي لنا أ نشرك بالله من شئ معناه أ الله قد عصمنا من الشرك ذلك التوحيد والعلم
(٤٢٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 421 422 423 424 425 426 427 428 429 430 431 ... » »»