تفسير البغوي - البغوي - ج ٢ - الصفحة ٤٢٥
سورة يوسف (36) بالاعراض ثم بدا له مأن يحبسوه من بعدما رأوا الآيات الدالة على براءة يوسف من قد القميص وكلام الطفل وقطع النساء أيديهن وذهاب عقولهن ليسجننه حتى حين إلى مدة يرون فيه رأيهم وقال عطاء إلى أن تنقطع مقالة الناس قال عكرمة سبع سنين وقال الكلبي خمس سنين قال السدي وذلك أن المرأة قالت لزوجها إن هذا العبد العبراني قد فضحني في الناس يخبرهم أني راودته عن نفسه فإما أن تأذن لي أن أخرج فأعتذر إلى الناس وإما أن تحبسه فحبسه وذكر أن الله تعالى جعل ذلك الحبس تطهيرا ليوسف عليه السلام من همه بالمرأة قال ابن عباس عثر يوسف ثلاث عثرات حين هم بها فسجن وحين قال اذكرني عند ربك فلبث في السجن بضع سنين وحين قال للاخوة إنكم لسارقون فقالوا إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل قوله تعالى ودخل معه السجن فتيان وهما غلامان للريان بن الوليد بن شروان العمليق ملك مصر الأكبر أحدهما خبازه وصاحب طعامه والآخر ساقيه وصاحب شرابه غضب الملك عليهما فحبسهما وكان السبب فيه أن جماعة من أهل مصر أرادوا المكر بالملك واغتياله فضمنوا لهذين مالا ليسما الملك في طعامه وشرابه فأجاباهم ثم إن الساقي نكل عنه وقبل الخباز الرشوة فسم الطعام فلما أحضر الطعام والسراب قال الساقي لا تأكل أيها الملك فإن الطعام مسموم وقال للخباز كل من طعام فأبى فجرب ذلك الطعام على دابة فأكلته فهلكت فأمر الملك بحبسهما وكان يوسف حين دخل السجن جعل ينشر علمه ويقول إني أعبر الأحلام فقال أحد الفتيين لصاحبه هلم فلنجرب هذا العبراني فتراء يا له فسألاه من غير أن يكونا رأيا شيئا قال ابن مسعود ما رأيا شيئا وإنما تحالما ليجربا يوسف وقال قوم بل كانا رأيا حقيقة فرآهما يوسف وهما مهمومان فسألهما عن شأنهما فذكرا أنهما غلامان للملك وقد حبسهما وقد رأيا رؤيا قد غمتهما فقال يوسف قصا علي ما رأيتموما فقصا عليه قال أحدهما وهو صاحب الشراب إني أراني أعصر خمرا أي عنبا سمي العنب خمرا باسم ما يؤل إليه كما يقال فلان يطبخ الآجر أي يطبخ اللبن للآجر وقيل الخمر العنب بلغة عمان وذلك أنه قال إني رأيت كأني في بستان فإذا أنا بأصل حبلة عليها ثلاث عتاقيد من عنب فجنيتها وكان كأس الملك بيدي فعصرتها فيه وسقيت الملك فشربه وقال الآخر وهو الخباز إني أراني أحمل فوق رأسي خبزا تأكل الطير ينهش وينهبن منه نبئنا بتأويله أخبرنا بتفسيره وتعبيره وما يؤل إليه أمر هذه الرؤيا إنا نراك من المحسنين أي العالمين بعبارة الرؤيا والاحسان بمعنى العلم وروي أن الضحاك
(٤٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 420 421 422 423 424 425 426 427 428 429 430 ... » »»