تفسير البغوي - البغوي - ج ٢ - الصفحة ٤٣١
سورة يوسف (53 54) في زوجته بالغيب أي في حال غيبته وأن الله لا يهدي كيد الخائنين بقوله ذلك ليعلم من كلام يوسف اتصل يقول امرأة العزيز أنا راودته عن نفسه من غير تميز لمعرفة السامعين وقيل فيه تقديم وتأخير تقدم معناه ارجع إلى ربك فسأله ما بال النسوة اللاتي قطعن أيديهن إ ربي بكيدهن عليم ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب قيل لما قال يوسف هذه المقالة قال له جبريل ولا حين ههمت بها فقال يوسف عند ذلك وما أبرئ نفسي قال السدي إنما قالت امرأة العزيز ولا حين حللت سراويلك يا يوسف فقال يوسف وما أبرئ نفسي من الخطأ والزلل فأزكيها إن النفس لأمارة بالسوء بالمعصية إلا ما رحم ربي أي إلا م نرحم ربي فعصمه وما بمعنى من كقوله تعالى فانكحوا ما كأب لكم أي من طاب لكم وهم الملائكة عصمهم الله عز وجل فلم يركب فيهم الشهوة وقيل إلا ما رحم ربي إسارة إلى حالة العصمة عند رؤية البرهان إن ربي غفور رحيم فلما تبين للملك عذر يوسف عليه السلام وعرف أمانته وعلمه اشتاق لرؤيته وكلامه وذلك معنى قوله تعالى إخبارا عنه وقال الملك إئتوني به أستخلصه لنفسي أي أجعله خالصا لنفسي فلما كلمه فيه اختصار تقديره فجاء الرسول يوسف فقال له أجب الملك الآن روي أنه قام ودعا لأهل السجن فقال اللهم عطف عليهم قلوب الأخيار ولا تعم عليهم الأخبار فهم أ لم الناس بالأخبار في كل بلد فلما خرج من الشجن كتب على بابه هذا قبر الأحياء وبيت الأحزان وتجربة الأصدقاء وشماتة الأعداء ثم اغتسل وتنظف من درن السجن ولبس ثيابا حسنا وقصد الملك قال وهب فلما وقف بباب الملك قال حسبي ربي من دنياي وحسبي ربي من خلقه عز جاره وجل ثناؤه ولا إله غيره ثم دخل الدار فلما دخل على الملك قال اللهم إني أسألك بخيرك من خيره وأعوذ بك من شره وشر غيره فلما نظر إليه الملك سلم عليه يوسف بالعربية فقال له الملك ما هذا اللسان قال لسان عمي إسماعيل ثم دعا له بالعبرانية فقال له ما هذا اللسان قال هذا لسان آبائي ولم يعرف الملك اللسانين قال وهب وكان الملك يتكلم بسبعين لسانا فكلما تكلم بلسان أجابه يوسف بذلك اللسان وزاد عليه بلسان العربية وا لعبرانية فأعجب الملك ما رأى منه مع حداثة سنه وكان يوسف يومئذ ابن ثمانين سنة فأجلسه و قال إنك اليوم لدينا
(٤٣١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 426 427 428 429 430 431 432 433 434 435 436 ... » »»