بضم الحاء والآخرون بسكونها وهو الحرام وأصله الهلاك والشدة قال الله تعالى (فيسحتكم بعذاب) نزلت في حكم اليهود كعب بن الأشرف وأمثاله كانوا يرتشون ويقضون لمن رشاهم قال الحسن كان الحاكم منهم إذا أتاه أحد برشوة جعلها في كمه فيريها إياه ويتكلم بحاجته فيسمع منه ولا ينظر إلى خصمه فيسمع الكذب ويأكل الرشوة وعنه أيضا قال إنما ذلك في حكم إذا رشوته ليحق لك باطلا أو يبطل عنك حقك فأما أن يعطي الرجل الوالي يخاف ظلمه ليدرأ به عن نفسه فلا بأس فالسحت هو الرشوة في الحكم على قول الحسن ومقاتل وقتادة والضحاك وقال ابن مسعود هو الرشوة في كل شيء قال ابن مسعود ممن يشفع شفاعة ليرد بها حقا أو يدفع بها ظلما فأهدي له فقبل فهو سحت فقيل له يا أبا عبد الرحمن مما كنا نرى ذلك إلا الأخذ على الحكم فقال الأخذ على الحكم كفر قال الله تعالى (ومن لمم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون) أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي أنا أحمد بن عبد الرحمن بن أبي شريح أنا أبو القاسم البغوي ثنا علي بن الجعد أنا بن أبي ذئب عن الحرث بن عبد الرحمن عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعنة الله على الراشي والمرتشي / ح / والسحت كل كسب لا يحل قوله عز وجل (فإن جاءوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم وإن تعرض عنهم فلن يضروك شيئا) خير الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم في الحكم بينهم إن شاء حكم وإن شاء ترك واختلفوا في حكم الآية اليوم هل للحاكم الخيار في الحكم بين أهل الذمة إذا تحاكم إلينا فقال أكثر أهل العلم هو حكم ثابت في سورة المائدة حكم منسوخ وحكام المسلمين بالخيار في الحكم بين أهل الكتاب إن شاؤوا حكموا وإن شاؤوا لم يحكموا وإن حكموا حكموا بحكم الإسلام وهو قول النخعي والشعبي وعطاء وقتادة وقال قوم يجب على حاكم المسلمين أن يحكم بينهم والآية منسوخة نسخها قوله تعالى (وأن أحكم بينهم بما أنزل الله) وهو قول مجاهد وعكرمة وروى ذلك عن ابن عباس وقال لم ينسخ من المائدة إلا آيتان قوله تعالى (لا تحلوا شعائر الله) نسخها قوله تعالى (اقتلوا المشركين) وقوله (فإن جاءوك فاحكم بينهم أو اعرض عنهم) نسخها قوله تعالى (وأن أحكم بينهم بما أنزل الله) فأما إذا تحاكم إلينا مسلم وذمي فيجب علينا الحكم بينهما لا يختلف القول فيه لأنه لا يجوز لمسلم الانقياد لحكم أهل الذمة قوله (وإن حكمت فاحكم بينهم بالقسط) أي بالعدل (إن الله يحب المقسطين) أي العادلين روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال المقسطون عند الله على منابر من نور / ح / سورة المائدة (43) قوله تعالى (وكيف يحكمونك وعندهم التوراة) هذا تعجيب للنبي صلى الله عليه وسلم وفيه اختصار أي
(٣٩)