تفسير البغوي - البغوي - ج ٢ - الصفحة ٣٧
هادوا) يعني اليهود (سماعون) أي قوم سماعون (للكذب) أي قابلون للكذب كقول المصلي سمع الله لمن حمده أي قبل الله وقيل معناه سماعون لأجل الكذب أي يسمعون منك ليكذبوا عليك وذلك أنهم كانوا يسمعون من الرسول صلى الله عليه وسلم ثم يخرجون ويقولون سمعنا منه كذا ولم يسمعوا ذلك منه (سماعون لقوم آخرين لم يأتوك) أي هم جواسيس يعني بني قريظة لقوم آخرين هم أهل خيبر وذلك أن رجلا وامرأة ممن أشرف أهل خيبر زنيا وكانا محصنين وكان حدهما الرجم في التوراة فكرهت االيهود رجمهما لشرفهما فقالوا إن هذا الرجل الذي بيثرب ليس في كتابه الرجم ولكنه الضرب فأسلوإلى إخوانكم بني قريظة فإنهم جيرانه وصلح له فليسألوه عن ذلك فبعثوا رهطا منهم مستخفين وقالوا لهم سلوا محمدا عن الزانيين إذا أحصنا ما حدهما فإن أمركم بالجلد فاقبلوا منه وإن أمركم بالرجم فاحذروا ولا تقبلوا منه وأرسلوا معهم الزانيين فقدم الرهط حتى نزلوا على بني قريظة والنضير فقال لهم إنكم جيران هذا الرجل ومعه في بلده وقد حدث فينا حدث فلان وفلانة قد فجرا وقد وقد أحصنا فنجب أن تسألوا لنا محمدا عن قضائه فقالت لهم قريظة والنضير إذا والله يأمركم بما تكرهون ثم انطلق قوم منهم كعب بن الأشرف وكعب بن أسد وسعيد بن عمرو ومالك بن الصيف وكنانة بن أبي الحقيق وغيرهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا يا محمد أخبرنا عن الزاني وزانية إذا أحصنا ما حدهما في كتابك فقال هل ترضون بقضائي قالوا نعم فنزل جبريل عليه السلام بالرجم فأخبرهم بذلك فأبوا أن يأخذوا به فقال له جبريل عليه السلام اجعل بينك وبينهم ابن صوريا ووصفه له فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم هل تعرفون شابا أمرد أعور يسكن فدك يقال له ابن صوريا قالوا نعم قال فأي رجل هو فيكم فقالوا هو أعلم يهودي بقي على وجه الأرض بما أنزل الله سبحانه وتعالى على موسى عليه السلام في التوراة قال صلى الله عليه وسلم أنت ابن صوريا قال نعم قال أنت أعلم اليهود قال كذلك يزعمون قال أتجعلونه بيني وبينكم قالوا نعم فقال له النبي صلى الله عليه وسلم أنشدك بالله الذي لا إله إلا هو الذي أنزل التوراة على موسى عليه السلام وأخرجكم من مصر وفلق لكم البحر وأنجاكم وأغرق آل فرعون والذي ظلل عليكم الغمام وأنزل عليكم المن والسلوى وأنزل عليكم كتابه فيه حلاله وحرامه هل تجدون في كتابكم الرجم على من أحصن قال ابن صوريا نعم والذي ذكرتني به لولا خشية أن تحرقني التوراة إن كذبت أو غيرت ما اعترفت لك ولكن كيف هي في كتابك يا محمد قال إذا شهد أربعة رهط عدول أنه قد أدخله فيها كما يدخل الميل في المكحلة وجب عليه الرجم فقال ابن صوريا والذي أنزل التوراة على موسى هكذا أنزل الله عز وجل في التوراة على موسى عليه السلام فقال له النبي صلى الله عليه وسلم فماذا كان أول ما ترخصتم به أمر الله قال كنا إذا أخذنا الشريف تركناه وإذا أخذنا الضعيف أقمنا عليه الحد فكثر الزنا في أشرافنا حتى زنا ابن عم ملك لنا فلم نرجمه ثم زنى رجل آخر في أسوة ممن الناس فأراد ذلك الملك رجمه فقام دونه قومه فقالوا والله لا يرجم حتى يرجم فلان لابن عم الملك فقلنا تعالوا نجتمع فلنصنع شيئا دون الرجم يكون على الوضيع والشريف فوضعنا الجلد والتحميم وهو أن يجلد أربعين جلدة بحبل مطلي بالقار ثم يسود وجههما ثم يحملان على حمارين ووجوههما من
(٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 ... » »»