تفسير البغوي - البغوي - ج ٢ - الصفحة ٥٠
سورة المائدة (64) سورة المائدة (64) (وقالت اليهود يد الله مغلولة) قال ابن عباس وعكرمة والضحاك وقتادة إن الله تعالى كان قد بسط على اليهود حتى كانوا من أكثر الناس مالا وأخصهم ناحية فلما عصوا الله في محمد صلى الله عليه وسلم وكذبوا به كف الله عنهم ما بسط عليهم من السعة فعند ذلك قال فنحاص بن عازورا ء يد الله مغلولة أي محبوسة مقبوضة من الرزق نسبوه إلى البخل قيل إنما قال هذه المقالة فنحاص فلما لم ينهه الأخرون ورضوا بقوله أشركهم الله فيها وقال الحسن معناه يد الله مكفوفة عن عذابنا فليس يعذبنا إلا ما يبر به قسمة قدر ما عبد آباؤنا العجل والأول أولى لقوله (ينفق كيف يشاء) (غلت أيديهم) أي أمسكت أديهم عن الخيرات وقال الزجاج أجابهم الله تعالى فقال أنا الجواد وهم البخلاء وأيديهم هي المغلولة الممسكة وقيل هو من الغل في النار يوم القيامة لقوله تعالى (إذ الأغلال في أغناقهم والسلاسل) (ولعنوا) عذبوا (بما قالوا) فمن لعنهم أنهم مسخوا قردة وخنازير وضربت علهم الذلة والمسكنة في الدنيا وفي الآحرة بالنار (بل يداه مبسوطتان) ويد الله صفة من صفات ذاته كالسمع والبصر والوجه وقال جل ذكره (لما خلقت بيدي) وقال النبي صلى الله عليه وسلم كلتا يديه يمين والله أعلم بصفاته فعلى العباد فيها الايمان والتسليم وقال أئمة السلف من أهل السنة في هذه الصفات أمروها كما جاءت بلا كيف (ينفق) يرزق (كيف يشاء وليزيدن كثيرا منهم ما أنزل إليك من ربك طغيانا وكفرا) أي كلما أنزل آية كفروا بها فازدادوا طغيانا وكفرا وكفروا (وألقينا بينهم العداوة والبغضاء) يعني بين اليهود والنصارى قاله الحسن ومجاهد قيل وبين طوائف اليهود جعلهم مختلفين في دينهم متباغضين (إلى يوم القيامة كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله) يعني اليهود أفسدوا وخالفوا حكم التوراة فبعث الله عليهم بختنصر ثم أفسدوا فبعث الله عليهم طيطوس الرومي ثم أفسدوا فسلط الله عليهم المجوس ثم أفسدوا فبعث الله عليهم المسلمين وقيل كلما أجمعوا أمرهم ليفسدوا أمر محمد صلى الله عليه وسلم واقدوا نار المحاربة أطفأها الله فردهم وقهرهم ونصر نبيه ودينه هذا معنى قول الحسن وقال
(٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 ... » »»