تفسير البغوي - البغوي - ج ٢ - الصفحة ٣٥٠
سورة يونس (24 25) متاع بالنصب أي تتمتعون متاع الحياة الدنيا ثم إلينا مرجعكم فننبئكم بما كنتم تعلمون) قوله عز وجل إنما مثل الحياة الدنيا في فنائها وزوالها كماء أنزلناه من السماء فاختلط به أي بالمطر نبات الأرض قال بان عباس نبت بالماء من كل لون مما يأكل الناس من الحبوب والثمار من الحشيش حتى إذا أخذت الأرض زخرفها حسنها وبهجتها وظهر الزهر أخضر وازينت أي تزينت وكذلك هي في قراءة ابن مسعود تزينت وظن أهلها أنهم قادرون عليها على جذاذها وقطافها وحصادها رد الكناية إلى الأرض والمراد النبات إذ كان مفهوما وقيل ردها إلى الغلة وقيل إلى الزينة أتاها أمرنا قضاؤنا بإهلاكها ليلا أو نهارا فجعلناها حصيدا أي محصورة مقطوعة كأن لم تغن بالأمس كأن لم تكن بالأمس وأصله من غني بالمكان إذا أقام به وقال قتادة معناه إن المتشبث بالدنيا يأتيه أمر الله وعذابه أغفل ما يكون كذلك نفصل الآيات لقوم يتفكرون قوله تعالى والله يدعو إلى دار السلام قال قتادة السلام هو الله وداره الجنة وقيل السلام بمعنى السلامة سميت الجنة دار السلام لأن من دخلها سلم من الآفات وقيل المراد بالسلام التحية سميت الجنة دار السلام لأن أهلها يحي بعضهم بعضا بالسلام والملائكة تسلم عليهم قال الله تعالى والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم وروينا عن جابر قال جاءت ملائكة إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو نائم فقالوا إن لصاحبكم هذا مثلا فاضربوا له مثلا قال بعضهم إنه نائم وقال بعضهم إن العين نائمة والقلب يقظان فقالوا مثله كمثل رجل بنى دارا وجعل فيها مأدبة وبعث داعيا فمن أجاب الداعي دخل الدار وأكل من المأدبة ومن لم يدل الداعي لم يدخل الدار ولم يأكل من المأدبة فقالوا أولها له يفقهها قال بعضهم إنه نائم وقال بعضهم إن العين نائمة والقلب يقظان فقالوا الدار الجنة والداعي محمد صلى الله عليه وسلم فمن أطاع محمدا فقد أطاع الله ومن عصى محمدا فقد عصى الله ومحمد فرق بين الناس ويهدي من يشاء إلى صراط مستقيم فالصراط المستقيم هو الإسلام عم بالدعوة لإظهار الحجة وخص بالهداية استغناء عن الخلق
(٣٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 345 346 347 348 349 350 351 352 353 354 355 ... » »»