لم يرد به تحريم تعبد وإنما أراد تحريم منع فأوحى الله تعالى إلى موسى لأحرمن عليهم دخول الأرض المقدسة غير عبدي ى يوشع وكالب ولآتيهنهم في هذه البرية (أربعين سنة) مكان كل يوم من الأيام التي تجسسوا فيها سنة ولألقين جيفهم في هذه القفار واما بنوهم الذين لم يعلموا الشر فيدخلونها فذلك قوله تعالى (فإنها مححرمة عليهم أربعين سنة) (يتيهون) يتححيرون (في الأرض فلا تأس على القوم الفاسقين) أي لا تحزن على مثل هؤلاء القوم فلبثوا أربعين سنة في ستة فراسخ وهم ستمائة ألف مقاتل وكانوا يسيرون كل يوم جادين فإذا أمسوا كانوا في الموضع الذي ارتحلوا عنه وقيل إن موسى وهارون عليهما السلام لم يكونا فيهم والأصح أنهما كانا فيهم ولم يكن لهما عقوبة إنما كانت العقوبة لأولئك القوم ومات في التيه كل من دخلها ممن جاوز عشرين سنة غير يوشع وكالب ولم يدخل أريحا أحد ممن قالوا إنا لن ندخلها أبدا فلما هلكوا وانقضت الربعون سنة ونشأت النواشىء من ذراريهم ساروا إلى حرب الجبارين واختلفوا فيمن تولى تلك الحرب وعلى يدي من كان الفتح فقال قوم وإنما فتح موسى أريحا وكان يوشع على مقدمته فسار موسى عليه السلام إليهم فيمن بقي من بني إسرائيل فدخلها يوشع فقاتل الجبابرة ثم دخلها موسى عليه السلام فأقام فيها ما شاء الله تعالى ثم قبضه الله تعالى إليه ولا يعلم قبره أحد وهذا أصح الأقاويل لا تفاق العلماء أن عوج بن عنق قتله موسى عليه السلام وقال الآخرون إنما قاتل الجبارين يوشع ولم يسر إليهم إلا بعد موت موسى عليه السلام وقالوا مات موسى وهارون جميعا في التيه (فصل في ذكر وفاة هارون) قال السدي أوحى الله عز وجل إلى موسى أني متوفي هارون فات به جبل كذا وكذا فانطلق موسى وهارون عليهما السلام نحو ذلك الجبل فإذا هما بشجرة لم ير مثلها وإذا ببيت مبني وفيه سرير عليه فرش وإذا فيه ريح طيبة فلما نظر هارون إلى ذلك أعجبه فقال يا موسى إني أحب أن أنام على هذا السرير قال فنم عليه فقال إني أخاف أن يأتي رب هذا البيت فيغضب علي قال له موسى لا ترهب إني أكفيك أمر رب هذا البيت فنم قال موسى نم أنت معي فإن جاء رب البيت غضب علي وعليك جمميعا فلما ناما ى أخذ هارون الموت فلما وجد مسه قال يا موسى خدعتني فلما قبض رفع البيت وذهبت تلك الشجرة ورفع السرير به إلى السماء فلما رجع موسى إلى بني إسرائيل وليس معه هارون قالوا إن موسى قتل هارون وحسده لحب بني إسرائيل له فقال موسى عليه السلام ويحكم كان أخي فكيف أقتله فلما أكثروا عليه قام فصلى ركعتين ثم دعا الله تعالى ونزل السرير حتى نظروا إليه بين السماء والأرض فصدقوه وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال صعد موسى وهارون عليهما السلام الجبل فمات هارون وبقي موسى فقالت بنو إسرائيل لموسى عليه السلام أنت قتلته فآذوه فأمر الله الملائكة فحملوه حتى مروا به على بني إسرائيل وتكلمت الملائكة بمموته حتى عرف بنو إسرائيل أنه مات فبرأه الله تعالى مما قالوا ثم إن الملائكة حملوه ودفنوه فلم يطلع على موضع قبره أحد إلا الرخم فجعله الله أصم وأبكم وقال عمر بن
(٢٦)