تفسير البغوي - البغوي - ج ٢ - الصفحة ٤٨
سورة المائدة (57 59) سورة المائدة (57) قوله عز وجل (يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا الذين اتخذوا دينكم هزوا ولعبا) الأية قال ابن عباس كان رفاعة بن زيد بن التابوت وسويد بن الحارث قد أظهر الإسلام ثم نافقا وكان رجال من المسلمين يوادنهما فأنزل الله عز وجل هذه الآية (يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا الذين اتخذوا دينكم هزوا ولعبا) بإظهار ذلك بألسنتهم قولا وهم مستبطنون الكفر (من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم) يعني اليهود (والكفار) قرأ أهل البصرة والكسائي (الكفار) بخفض الراء يعني ومن الكفار وقرأ الآخرؤون بالنصب أي لا تتخذوا الكفار (أولياء واتقوا الله إن كنتم مؤمنين) سورة المائدة (58) (وإذا ناديتم إلى الصلاة أتخذوها هزوا ولعبا ذلك بأنهم قوم لا يعقلون) قال الكلبي كان منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نادى إلى صلاة وقام المسلمون إليها قالت اليهود قد قاموا لا قاموا وصلوا لا صلوا على طريق الاستهزاء وضحكوا فأنزل الله عز وجل هذه الآية وقال السدي نزلت في رجل من النصارى بالمدينة كان إذا سمع المؤذن يقول اشهد أن محمد رسول الله قال حرق الكاذب فدخل خادمه ذات ليلة بنار هو وأهله نيام فتطايرت منها شرارة فاحترق البيت واحترق هو وأهله وقال الآخرون إن الكفار لما سمعوا الأذان حسدوا المسلمين فدخلوا على رسول الله وقالوا يا محمد لقد أبدعت شيئا لم نسمع به فيما مضى من الأمم فإن كنت تدعى النبوة فقد خالفت فيما أحدثت الأنبياء قبلك ولو كان فيه خير لكان أولى الناس به الأنبياء فمن أين لك صياح كصياح العير فما أقبح من صوت وما أسمج من أمر فأنزل الله تعالى الآية (ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله) الآية سورة المائدة (59) قوله عز وجل (قل يا أهل الكتاب هل تنقمون منا) الآية قرأ الكسائي (هل تنقمون) بإدغام اللام في التاء وكذلك يدغم لام هل في التاء والثاء والنون ووافقه حمزه في التاء والثاء وأبو عمرو في (هل ترى) في موضعين قال ابن العباس اتى النبي صلى الله عليه وسلم نفر من اليهود أبو ياسر بن اخطب ورافع بن أبي رافع وغيرهما فسألوه عمن يؤمن به من الرسل فقال أومن بالله وما انزل الينا وما انزل إلى إبراهيم وإسماعيل \ ح \ إلى قوله (ونحن له مسلمون) فلما ذكر عيسى عليه السلام جحدوا نبوته وقالوا والله ما نعلم أهل دين أقل حظ في الدنيا والآخرة منكم ولا دينا شرا من دينكم فأنزل الله هذه الآية (قل يا أهل الكتاب هل تنقمون منا) أي تكرهون منا (الا ان امنا بالله وما أنزل الينا وما انزل من قبل وان أكثركم فاسقون) أي تكرهون منا الا ايماننا وفسقكم أي انما كرهتم أيماننا
(٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 ... » »»