سورة التوبة (29) تاجرا ثلاثا وجزيرة العرب من أقصى عدن أبين إلى ريف العراق في الطول وأما العرض فمن جدة وما والاها من ساحل البحر إلى أطراف الشام والقسم الثالث سائر بلاد الإسلام يجوز للكافر أن يقيم فيها بذمة أو أمان ولكن لا يدخلون المساجد إلا بإذن مسلم قوله (بعد عامهم هذا) يعني العام الذي حج فيه أبو بكر رضي الله عنه بالناس ونادى علي كرم الله وجهه ببراءة وهو سنة تسع من الهجرة قوله (وإن خفتم عيلة) وذلك أن أهل مكة كانت معايشهم من التجارات وكان المشركون يأتون مكة بالطعام ويتجرون فلما منعوا من دخول الحرم خافوا الفقر وضيق العيش وذكروا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله تعالى (وإن خفتم عيلة) فقرا وفاقة يقال عال يعيل علية إذا افتقر (فسوف يغنيكم الله من فضله إن شاء إن الله عليم حكيم) قال عكرمة فأغناهم الله عز وجل بأن أنزل عليهم المطر مدرارا فكثر خيرهم وقال مقاتل أسلم أهل جدة وصنعاء وجريش من اليمن وجلبوا الميرة الكثيرة إلى مكة فكفاهم الله ما كانوا يخافون وقال الضحاك وقتادة عوضهم الله منها الجزية فأغناهم بها 29 قوله تعالى (قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله) قال مجاهد نزلت هذه الآية حين أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتال الروم فغزا بعد نزولها غزوة تبوك وقال الكلبي نزلت في قريظة والنضير من اليهود فصالحهم وكانت أول جزية أصابها أهل الإسلام وأول ذل أصاب أهل الكتاب بأيدي المسلمين قال الله تعالى (قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر) فإن قيل أهل الكتاب مؤمنون بالله واليوم الآخر قيل لا يؤمنون كإيمان المؤمنين فإنهم إذا قالوا عزيز ابن الله والمسيح ابن الله لا يكون ذلك إيمانا بالله (ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق) أي لا يدينون الدين الحق أضاف الاسم إلى الصفة وقال قتادة الحق هو الله أي لا يدينون دين الله ودينه الإسلام وقال أبو عبيدة معناه ولا يطيعون الله تعالى طاعة أهل الحق (من الذين أوتوا الكتاب) يعني اليهود والنصارى (حتى يعطوا الجزية) وهي الخراج المضروب على رقابهم (عن يد) عن قهر وذل قال أبو عبيدة يقال لكل من اعطى شيئا كرها من غير طيب نفس أعطاه عن يد وقال ابن عباس يعطونها بأيديهم ولا يرسلون بها على يد غيرهم وقيل عن يد أي نقد لا نسيئة وقيل عن إقرار بإنعام المسلمين عليهم بقبول الجزية منهم (وهم صاغرون) أذلاء مقهورون قال عكرمة يعطون الجزية عن قيام والقابض جالس وعن ابن عباس قال تؤخذ منه ويوطأ عنقه وقال الكلبي إذا أعطى صفع في قفاه وقيل يؤخذ بلحيته ويضرب في لهزمتيه وقيل يلبب ويجر إلى موضع الإعطاء بعنف وقيل إعطاؤه إياها هو الصغار وقال الشافعي رحمه الله الصغار هو جريان أحكام الإسلام عليهم واتفقت الأمة على غياها هو الصغار وقال الشافعي رحمه الله الصغار هو جريان أحكام الإسلام عليهم واتفقت الأمة على جواز اخذ الجزية من أهل الكتابين وهم اليهود والنصارى إذا لم يكونوا عربا واختلفوا في الكتابي
(٢٨٢)