تفسير البغوي - البغوي - ج ٢ - الصفحة ٢٨٣
العربي وفي غير أهل الكتاب من كفار العجم فذهب الشافعي إلى أن الجزية على الأديان لا على الأنساب فتؤخذ من أهل الكتاب عربا كانوا أو عجما ولا تؤخذ من أهل الأوثان بحال واحتج بأن النبي صلى الله عليه وسلم أخذها من أكيد ردومة وهو رجل من العرب يقال إنه من غسان وأخذ من أهل ذمة اليمن وعامتهم عرب وذهب مالك والأوزاعي إلى أنها تؤخذ من جميع الكفار إلا المرتد وقال أبو حنيفة رضي الله عنه تؤخذ من أهل الكتاب على العموم وتؤخذ من مشركي العجم ولا تؤخذ من مشركي العرب وقال أبو يوسف لا تؤخذ من العربي كتابيا كان أو مشركا وتؤخذ من العجمي كتابيا كان أو مشركا وأما المجوس فاتفقت الصحابة رضي الله عنهم على أخذ الجزية منهم أخبرنا عبد الوهاب بن محمد الخطيب أنا عبد العزيز بن أحمد الخلال أنا أبو العباس الأصم أنا الربيع أنا الشافعي أنا سفيان عن عمرو بن دينار سمع بجالة بن عبيدة يقول لم يكن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أخذ الجزية من المجوس حتى شهد عبد الرحمن بن عوف أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذها من مجوس هجر أخبرنا أبو الحسن السرخسي أنا زاهر بن أحمد أبو إسحاق الهاشمي أنا أبو مصعب عن مالك عن جعفر بن محمد عن أبيه أن عمر بن الخطاب ذكر المجوس فقال ما أدري كيف أصنع في أمرهم فقال عبد الرحمن بن عوف أشهد أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول سنوا بهم سنة أهل الكتاب وفي امتناع عمر رضي الله عنه عن أخذ الجزية من المجوس حتى شهد عبد الرحمن بن عوف أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذها من مجوس هجر دليل على أن رأي الصحابة كان على أنها لا تؤخذ من كل مشرك وإنما تؤخذ من أهل الكتاب واختلفوا في أن المجوس هل هم من أهل الكتاب أم لا فروي عن علي رضي الله عنه قال كان لهم كتاب يدرسونه فأصبحوا يوما وقد أسري على كتابهم فرفع من بين أظهرهم واتفقوا على تحريم ذبائح المجوس ومناكحتهم بخلاف أهل الكتابين أما من دخل في دين اليهود والنصارى من غيرهم من المشركين نظر إن دخلوا فيه قبل النسخ والتبديل يقرون بالجزية وتحل مناكحتهم وذبائحهم وإن دخلوا في دينهم بعد النسخ بمجيء محمد صلى الله عليه وسلم لا يقرون بالجزية لا تحل مناكحتهم وذبائحهم ومن شككنا في أمرهم أنهم دخلوا فيه بعد النسخ أو قبله يقرون بالجزية تغليبا لحقن الدم ولا تحل مناكحتهم وذبائحهم تغليبا للتحريم فمنهم نصارى العرب من تنوخ وبهراء وبني تغلب أقرهم عمر رضي الله عنه على الجزية وقال لا تحل لنا ذبائحهم وأما قدر الجزية فأقله دينار لا يجوز أن ينقص منه ويقبل الدينار من الفقير والغني والوسط لما أخبرنا أبو عثمان سعيد بن إسماعيل الضبي أنا أبو محمد عبد الجبار بن محمد الجراحي ثنا أبو العباس محمد بن أحمد المحبوبي ثنا أبو عيسى الترمذي ثنا محمود بن غيلان ثنا عبد الرزاق أنا معمر أنا سفيان عن الأعمش عن أبي وائل عن مسروق عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن فأمره أن يأخذ من كل حالم دينارا وعدله مغافر فالنبي صلى الله عليه وسلم أمره أن يأخذ من كل حالم أي بالغ دينارا ولم يفصل بين الغنى والفقير والوسط وفيه دليل على أنها لا تجب على الصبيان وكذلك لا تجب على النسوان إنما تؤخذ من الأحرار العاقلين البالغين من الرجال وذهب قوم إلى أنه على كل موسر أربعة دنانير وعلى كل متوسط ديناران وعلى كل فقير دينار وهو قول أصحاب الرأي
(٢٨٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 278 279 280 281 282 283 284 285 286 287 288 ... » »»