سورة التوبة (31) وأظهر الندامة ووضع على رأسه التراب فقال له النصارى من أنت بولص عدوكم فنوديت من السماء ليست لك توبة إلا أن تتنصر وقد تبت فأدخلوه الكنيسة ودخل بيتا سنة لا يخرج منه ليلا ولا نهارا حتى تعلم الإنجيل ثم خرج وقال نوديت أن الله قبل توبتك فصدقوه وأحبوه ثم مضى إلى بيت المقدس واستخلف عليهم نسطورا وعلمه أن عيسى ومريم والإله كانوا ثلاثة ثم توجه إلى الروم وعلمهم اللاهوت والناسوت وقال لم يكن عيسى بإنس ولا بجسم ولكنه ابن الله وعلم ذلك رجلا يقال له يعقوب ثم دعا رجلا يقال له ملكا فقال له إن الإله لم يزل ولا يزال عيسى فلما استمكن منهم دعا هؤلاء الثلاثة واحدا واحدا وقال لكل واحد منهم أنت خالصتي وقد رأيت عيسى في المنام فرضي عني وقال لكل واحد منهم إني غدا أذبح نفسي فادع الناس إلى تحلك ثم دخل المذبح نفسه وقال إنما أفعل ذلك لمرضاة عيسى فلما كان يوم ثالثه دعا كل واحد منهم الناس إلى تحلته فتبع كل واحد طائفة من الناس فاختلفوا واقتتلوا فقال الله عز وجل (وقالت النصارى المسيح ابن الله ذلك قولهم بأفواههم) يقولون بألسنتهم من غير علم قال أهل المعاني لم يذكر الله تعالى قولا مقرونا بالأفواه والألسن إلا كان ذلك زورا (يضاهؤن) قرأ عاصم بكسر الهاء مهموزا والآخرون بضم الهاء مهموزا وهما لغتان يقال ضاهيته وضاهأته ومعناهما واحد قال ابن عباس رضي الله عنه يشابهون والمضاهاة المشابهة وقال مجاهد يوطئون وقال الحسن يوافقون (قول الذين كفروا من قبل) قال قتادة والسدي ضاهت النصارى قول اليهود من قبل الذين كانوا يقولون اللات والعزى ومناة بنات الله وقال الحسن شبه كفرهم بكفر الذين مضوا من الأمم الكافرة كما قال في مشركي العرب (كذلك قال الذين من قبلهم مثل قولهم تشابهت قلوبهم) وقال القتيبي يريد أن من كان في عصر النبي صلى الله عليه وسلم من اليهود والنصارى يقولون ما قال أولوهم (قاتلهم الله) قال ابن عباس لعنهم الله وقال ابن جريج أي قتلهم الله وقيل ليس هو على تحقيق المقاتلة ولكنه بمعنى العجب (أنى يؤفكون) أي يصرفون عن الحق بعد قيام الأدلة عليه 31 (اتخذوا أحبارهم ورهبانهم) أي علماءهم وقراءهم والأحبار العلماء وأحدها حبر وحبر بكسر الحاء وفتحها والرهبان من النصارى أصحاب الصوامع وأحدها راهب كصاحب وصحبان (أربابا) فإن قيل إنهم لم يعبدوا الأحبار والرهبان قلنا معناه أنهم أطاعوهم في معصية الله واستحلوا ما أحلوا وحرموا ما حرموا فاتخذوهم كالأرباب روي عن عدي ابن حاتم رضي الله عنه قال أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي عنقي صليب من ذهب فقال لي يا عدي اطرح هذا الوثن من عنقك فطرحته
(٢٨٥)