تفسير البغوي - البغوي - ج ٢ - الصفحة ٢٩٣
يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا) قال الشعبي عاتب الله عز وجل أهل الأرض جميعا في هذه الآية غير أبي بكر الصديق رضي الله عنه أخبرنا أبو المظفر محمد بن أحمد التميمي أنبأنا محمد بن عبد الرحمن بن عثمان أنبأنا خيثمة بن سليمان ثنا عبد الله بن أحمد الدورقي ثنا سعيد بن سليمان بن علي بن هاشم عن كثير النواء عن جميع بن عمير قال أتيت ابن عمر رضي الله عنه فسمعته يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر رضي الله عنه أنت صاحبي في الغار وصاحبي على الحوض قال الحسين بن الفضل من قال إن أبا بكر بم يكن صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو كافر لإنكاره نص القرآن وفي سائر الصحابة إذا أنكر يكون مبتدعا لا كافرا وقوله عز وجل (لا تحزن إن الله معنا) لم يكن حزن أبي بكر جبنا منه وإنما كان إشفاقا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال إن أقتل فأنا رجل واحد وإن قتلت هلكت الأمة وروي أنه حين انطلق مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الغار جعل يمشي ساعة بين يديه وساعة خلفه فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم مالك يا أبا بكر قال اذكر الطلب فأمشي خلفك ثم أذكر الرصد فأمشي بين يديك فلما انتهيا إلى الغار قال مكانك يا رسول الله حتى أستبرىء الغار فدخل فاستبراه ثم قال غنزل يا رسول الله فنزل فقال عمر والذي نفسي بيده لتلك الليلة خير من عمرو من آل عمر أخبرنا أبو المظفر التميمي أنا محمد بن عبد الرحمن بن عثمان المعروف بابن أبي النصر انا خيثمة بن سليمان ثنا أبو قلابة الرقاشي ثنا حيان بن هلال ثنا همام بن يحيى ثنا ثابت البناني ثا أنس بن مالك ان أبا بكر الصديق رضي الله عنه حدثهم قال نظرت إلى اقدام المشركين فوق رؤوسنا ونحن في الغار فقلت يا رسول الله لو أن أحدهم نظر تحت قدميه أبصرنا فقال يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي ثنا أحمد بن عبد الله النعيمي أنا محمد بن يوسف ثنا محمد بن إسماعيل ثنا يحيى بن بكير ثنا الليث عن عقيل قال ابن شهاب فأخبرني عروة بن الزبير ان عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت لم اعقل أبواي قط إلا وهما يدينان الدين ولم يمر علينا يوم إلا يأتينا فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم طرفي النهار بكرة وعشيا فلما ابتلي المسلمون خرج أبو بكر مهاجرا نحو أرض الحبشة حتى إذا بلغ برك الغماد لقيه ابن الدغنة وهو سيد القارة فقال أين تريد يا أبا بكر فقال أبو بكر أخرجني قومي فأريد أن أسيح في الأرض فأعبد ربي قال ابن الدغنة فإن مثلك يا أيا بكر لا يخرج ولا يخرج إنك تكسب المعدم وتصل الرحم وتحمل الكل وتقري الضيف وتعين على نوائب الحق فأنا لك جار ارجع واعبد ربك ببلدك فرجع وارتحل معه ابن الدغنة فطاف ابن الدغنة عشية في أشراف قريش فقال إن أبا بكر لا يخرج مثله ولا يخرج أتخرجون رجلا يكسب المعدم ويصل الرحم ويحمل الكل ويقريء الضيف ويعين على نوائب الحق فلم تكذب قريش بجوار ابن الدغنة وقالوا لابن الدغنة مر أبا بكر فليعبد ربه في داره فليصل فيها وليقرأ ما شاء ولا يؤذينا بذلك ولا يستعلن به فإنا نخشى أن يفتن نساءنا وأبناءنا فقال ذلك ابن الدغنة لأبي بكر فلبث أبو بكر بذلك يعبد ربه في داره ولا يستعلن بصلاته ولا يقرأ في غير داره ثم بدا لأبي بكر فابتنى مسجدا بفناء داره وكان يصلي فيه ويقرأ القرآن فيتقصف عليه نساء المشركين وأبناؤهم يعجبون منه وينظرون غليه وكان أبو بكر رضي الله عنه رجلا بكاء لا يملك عينيه إذا قرأ القرآن فافزع ذلك أشراف قريش من المشركين فأرسلوا إلى ابن الدغنة
(٢٩٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 288 289 290 291 292 293 294 295 296 297 298 ... » »»