تفسير البغوي - البغوي - ج ٢ - الصفحة ٢٨١
سورة التوبة (26 28) بالكثرة (وضاقت عليكم الأرض بما رحبت) أي يرحبها وسعتها (ثم وليتم مدبرين) منهزمين 26 (ثم أنزل الله) بعد الهزيمة (سكينته) يعني الأمنة والطمأنينة وهي فعلية من السكون (على رسوله وعلى المؤمنين وأنزل جنودا لم تروها) يعني الملائكة قيل لا للقتال ولكن لتجبين الكفار وتشجيع المسلمين لأنه يروى أن الملائكة لم يقاتلوا إلا يوم بدر (وعذب الذين كفروا) بالقتل والأسر وسبي العيال وسلب الأموال (وذلك جزاء الكافرين) 27 (ثم يتوب الله من بعد على من يشاء) فيهديه إلى الإسلام (والله غفور رحيم) 28 قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا إنما المشركون نجس) الآية قال الضحاك وأبو عبيدة نجس قذر وقيل خبيث وهو مصدر يستوي فيه الذكر والأنثى والتثنية والجمع فأما النجس بكسر النون وسكون الجيم فلا يقال على الانفراد إنما يقال رجس نجس فإذا أفرد قيل نجس بفتح النون وكسر الجيم وأراد به نجاسة الحكم لا نجاسة العين سموا نجسا على الذم وقال قتادة سماهم نجسا لأنهم يجنبون فلا يغتسلون ويحدثون فلا يتوضؤون قوله تعالى (فلا يقربوا المسجد الحرام) أراد منعهم من دخول الحرم لأنهم إذا دخلوا الحرم فقد قربوا من المسجد الحرام وأراد به الحرم وهذا كما قال الله تعالى (سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام) وأراد به الحرم لأنه أسرى به من بيت أم هانىء قال الشيخ الإمام الأجل وجملة بلاد الإسلام في حق الكفار على ثلاثة أقسام أحدها الحرم فلا يجوز للكافر أن يدخله بحال ذميا كان أو مستأمنا لظاهر هذه الآية وإذا جاء رسول من بلاد الكفار إلى الإمام والإمام في الحرم لا يأذن له في دخول الحرم بل يبعث إليه من يسمع رسالته خارج الحرم وجوز أهل الكوفة للمعاهد دخول الحرم والقسم الثاني من بلاد الإسلام الحجاز فيجوز للكافر دخولها بالإذن ولكن لا يقيم فيها أكثر من مقام السفر وهو ثلاثة أيام لما روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لئن عشت إن شاء الله تعالى لأخرجن اليهود والنصارى من جزيرة العرب حتى لا أدع فيها إلا مسلما فمضى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأوصى فقال أخرجوا المشركين من جزيرة العرب فلم يتفرغ لذلك أبو بكر رضي الله عنه وأجلاهم عمر رضي الله عنه في خلافته وأجل لمن يقدم منهم
(٢٨١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 276 277 278 279 280 281 282 283 284 285 286 ... » »»