تفسير البغوي - البغوي - ج ٢ - الصفحة ٢٩٢
سورة التوبة (38 40) 38 قوله (يا أيها الذين آمنوا مالكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله اثاقلتم إلى الأرض) الآية نزلت في الحث على غزوة تبوك وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم لما رجع من الطائف أمر بالجهاد لغزوة الروم وكان ذلك في زمان عسرة من الناس وشدة من الحر حين طابت الثمار والظلال ولم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد غزوة إلا ورى بغيرها حتى كانت تلك الغزوة غزاها رسول الله صلى الله عليه وسلم في حر شديد واستقبل سفرا بعيدا ومفاوز هائلة وعدوا كثيرا فجلى للمسلمين أمرهم ولم يورها بغير ليتأهبوا أهبة عدوهم فشق عليهم الخروج وتثاقلوا فأنزل الله تعالى (يا أيها الذين آمنوا ما لكم إذا قيل لكم) أي قال لكم رسول الله صلى الله عليه وسلم (انفروا) أخرجوا في سبيل الله (اثاقلتم إلى الأرض) أي لزمتم أرضكم ومساكنكم أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة) أي يخفض الدنيا ودعتها من نعيم الآخرة (فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل) ثم أوعدهم على ترك الجهاد 39 فقال تعالى (إلا تنفروا يعذبكم عذابا أليما) في الآخرة وقيل هو احتباس المطر عنهم في الدنيا وسأل نجدة بن نفيع ابن عباس عن هذه الآية فقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم استنفر حيا من أحياء العرب فتثاقلوا عليه فأمسك عنهم المطر فكان ذلك عذابهم (ويستبدل قوما غيركم) خيرا منكم وأطوع قال سعيد بن جبير هم أبناء فارس وقيل هم أهل اليمن (ولا تضروه شيئا) بترككم النفير (والله على كل شيء قدير) 40 قوله تعالى (إلا تنصروه فقد نصره الله) هذا إعلام من الله عز وجل أنه المتكفل بنصر رسوله وإعزاز دينه أعانوه أو لم يعينوه وأنه قد نصره عند قلة الأولياء وطكثرة الأعداء فكيف به اليوم وهو في كثرة من العدد والعدد (إذ أخرجه الذين كفروا) من مكة حين مكروا به وأرادوا تبيينه وهموا بقتله (ثاني اثنين) أي هو أحد الاثنين والاثنان أحدهما رسول الله صلى الله عليه وسلم والآخر أبو بكر الصديق رضي الله عنه (إذ هما في الغار) وهو ثقب في جبل ثور بمكة (إذ
(٢٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 287 288 289 290 291 292 293 294 295 296 297 ... » »»