تفسير البغوي - البغوي - ج ٢ - الصفحة ٢٤٦
سورة الأنفال (34) واستفتاحهم على أنفسهم (وإذ قالوا اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء) الآية وقالوا وما كان الله ليعذبهم وأ نت فيهم (وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون) ثم قال ردا عليهم (وما لهم ألا يعذبهم الله) وإن كنت بين أظهرهم وإن كانوا يستغفرون وهم يصدون عن المسجد الحرام وقال الآخرون هذا كلام مستأنف يقول الله عز وجل إخبارا عن نفسه (وما كان الله ليعذبهم) واختلفوا في تأويلها فقال الضحاك وجماعة تأويلها وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم مقيم بين أظهرهم قالوا أنزلت هذه الآية على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مقيم بمكة خرج من بين أظهرهم وبقيت بها بقية من المسلمين يستغفرون فأنزل الله تعالى (وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون) فخرج أولئك من بينهم فعذبوا وأذن الله في فتح مكة فهو العذاب الذي وعدهم الله قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما لم يعذب الله قرية حتى يخرج النبي منها والذين آمنوا ويلحق بحيث أمر فقال (وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون) يعني المسلمين فلما خرجوا قال الله تعالى (وما لهم ألا يعذبهم الله) فعذبهم الله يوم بدر وقال أبو موسى الأشعري كان فيكم أمانان وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون فاما النبي صلى الله عليه وسلم فقد مضى والاستغفار كائن فيكم إلى يوم القيامة وقال بعضهم هذا الا ستغفار كائن فيكم إلى يوم القيامة وقال بعضهم هذا الاستغفار راجع إلى المشركين وذلك أنهم كانوا يقولون بعد الطواف غفرانك غفرانك وقال يزيد بن رومان قالت قريش إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء فلما أمسوا ندموا على ما قالوا فقالوا غفرانك اللهم فقال الله عز وجل (وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون) وقال قتادة والسدي وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون أي لو استغفروا ولكنهم لم يكونوا يستغفرون ولو أنهم أقروا بالذنب واستغفروا لكانوا مؤمنين وقيل هذا دعاء إلى الإسلام الاستغفار بهذه الكلمة كالرجل يقول لغيره لا أعاقبك وأنت تطيعني أي أطعني حتى لا أعاقبك وقال مجاهد و عكرمة وهم يستغفرون أي يسلمون يقول لو أسلموا لما عذبوا وروى الوالبي عن ابن عباس وفيهم من سبق له من الله أن يسلم ويؤمن ويستغفر وذلك مثل أبي سفيان وصفوان بن أمية وعكرمة بن أبي جهل وسهيل بن عمرو وحكيم بن حزام وغيرهم وروى عبد الوهاب عن مجاهد وهم يستغفرون أي وفي أصلابهم من يستغفر 34 قوله تعالى (وما لهم ألا يعذبهم الله) أي وما يمنعهم من أن يعذبوا يريد بعد خروجك من بينهم (وهم يصدون عن المسجد الحرام) أي يمنعون المؤمنين من الطواف بالبيت وقيل أراد بالعذاب الأول عذاب الاستئصال وأراد بقوله وما لهم أن لا يعذبهم الله أي بالسيف وقيل أراد
(٢٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 241 242 243 244 245 246 247 248 249 250 251 ... » »»