جهل بن هشام وأبو سفيان وطعيمة بن عدي وشيبة بن ربيعة والنضر بن الحارث وأبو البختري بن هشام وزمعة بن الأسود وحكيم بن حزام ونبيه ومنبه ابنا الحجاج وأمية بن خلف فاعترضهم إبليس لعنه الله في صورة شيخ فلما رأوه قالوا من أنت قال شيخ من نجد سمعت باجتماعكم فأردت أن أحضركم ولن تعدموا مني رأيا ونصحا قالوا أدخل فدخل فقال أبو البحتري أما أنا فأرى أن تأخذوا محمدا وتحبسوه في بيت وتشدوا وثاقه وتسدوا باب البيت غير كوة تلقون إليه طعامه وشرابه وتتربصوا به ريب المنون حتى يهلك فيه كما هلك من قبله من الشعراء قال فصرخ عدوا الله النجدي وقال بئس الرأي رأيتم والله لئن حبستموه في بيت فخرج أمره من وراء الباب الذي أغلقتم دونه إلى أصحابه فيوشك أن يثبوا عليكم ويقاتلوكم ويأخذوه من أيديكم قالوا صدق الشيخ النجدي فقال هشام بن عمرو من بني عامر بن لؤي أما أنا فأرى أن تحملوه على بعير تخرجوه من أظهركم فلا يضركم ما صنع ولا أين وقع إذا غاب عنكم واسترحتم منه فقال إبليس لعنه الله ما هذا لكم برأي تعتمدون عليه تعمدون إلى رجل قد أفسد أحلامكم فتخرجونه إلى غيركم فيفسدهم ألم تروا إلى حلاوة منطقه وحلاوة لسانه وأخذ القلوب بما تسمع من حديثه والله لئن فعلتم ذلك ليذهبن وليستميل قلوب قوم ثم يسير بهم إليكم فيخرجكم من بلادكم قالوا صدق الشيخ النجدي فقال أبو جهل والله لأشيرن عليكم برأي ما أرى غيره إني أرى أن تأخذوا من كل بطن من قريش شابا نسيبا وسيطا فتيا ثم يعطى كل فتى منهم سيفا صارما ثم يضربوه ضربة رجل واحد فإذا قتلوه تفرق دمه في القبائل كلها ولا أظن هذا الحي من بني هاشم يقوون على حرب قريش كلها وبأنهم إذا رأوا ذلك قبلوا العقل فتؤدي قريش ديته فقال إبليس صدق هذا الفتى وهو أجودكم رأيا القول ما قال لا أرى رأيا غيره فتفرقوا على قول أبي جهل وهم مجمعون له فأتى جبريل النبي صلى الله عليه وسلم وأخبره بذلك وأمره أن لا يبيت في مضجعه الذي كان يبيت فيه فأذن الله له عند ذلك بالخروج إلى المدينة فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب أن ينام في مضجعه وقال له اتشح ببردتي هذه فإنه لن يخلص إليك منهم أمر تكرهه ثم خرج النبي صلى الله عليه وسلم فأخذ قبضة من تراب فأخذ الله أبصارهم عنه فجعل ينثر التراب على رؤسهم وهو يقرأ (إنا جعلنا في أعناقهم أغلالا) إلى قوله (فهم لا يبصرون) ومضى إلى الغار من ثور هو وأبو بكر وخلف عليا بمكة حتى يؤدي عنه الودائع التي كانت عنده وكانت الودائع تودع عنده صلى الله عليه وسلم لصدقه وأمانته وبات المشركون يحرسون عليا في فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم يحسبون أنه النبي صلى الله عليه وسلم فلما أصبحوا ثاروا إليه فرأوا عليا رضي الله عنه فقالوا أين صاحبك قال لا أدري فاقتصوا أثره وأرسلوا في طلبه فلما بلغوا الغار رأوا على بابه نسج العنكبوت فقالوا لو دخله لم يكن نسج العنكبوت على بابه فمكث فيه ثلاثا قدم المدينة فذلك قوله تعالى (وإذ يمكر بك الذين كفروا) (ليثبتوك) ليحبسوك ويسجنوك ويوثقوك (أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله) قال الضحاك يصنعون ويصنع الله والمكر التدبير وهو من الله التدبير بالحق وقيل يجازيهم جزاء المكر (والله خير الماكرين)
(٢٤٤)