تفسير البغوي - البغوي - ج ٢ - الصفحة ٢٤١
سورة الأنفال (25) قال كنت في الصلاة قال أليس يقول الله عز وجل (يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم) فقال لا جرم يا رسول الله لا تدعوني إلا أجبت وإن كنت مصليا قوله تعالى (واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه) قال سعيد بن جبير وعطاء يحول بين المؤمن والكفر وبين الكافر والإيمان وقال الضحاك يحول بين الكافر والطاعة ويحول بين المؤمن والمعصية وقال مجاهد يحول بين المرء وقلبه فلا يعقل ولا يدري ما يعمل و قال السدي يحول بين الإنسان وقلبه فلا يستطيع أن يؤمن ولا أن يكفر إلا بإذنه وقيل هو أن القوم لما دعوا إلى القتال في حالة الضعف ساءت ظنونهم واختلجت صدورهم فقيل لهم قاتلوا في سبيل الله واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه فيبدل الله الخوف أمنا والجبن جرأة وشجاعة (وأنه إليه تحشرون) فيجزيكم بأعمالكم أخبرنا أحمد بن عبد الله الصالحي أنا أحمد بن الحسن الحيري أنا حاطب بن أحمد الطوسي أنا محمد بن حماد ثنا معاوية عن الأعمش عن أبي سفيان عن أنس بن مالك قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك قالوا يا رسول الله آمنا بك وبما جئت به فهل تخاف علينا قال القلوب بين إصبعين من أصابع الله يقلبها كيف يشاء 25 (واتقوا فتنة) اختبارا وبلاء (لا تصيبن) قوله (لا تصيبن) ليس بجزاء محض ولو كان جزاء لم تدخل فيه النون لكنه نفي وفيه طرف من الجزاء كقوله تعالى (يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم لا يحطمنكم سليمان وجنوده) وتقديره واتقوا فتنة إن لم تتقوها أصابتكم فهو كقول القائل إنزل عن الدابة لا تطرحك ولا تطرحنك فهذا جواب الأمر بلفظ النفي معناه إن تنزل لا تطرحك قال المفسرون نزلت هذه الآ ية في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعناه اتقوا فتنة الظالم وغير الظالم قال الحسن نزلت في علي وعمار وطلحة والزبير رضي الله عنهم قال الزبير لقد قرأنا هذه الآية زمانا وما أرانا من أهلها فإذا نحن المعنيون بها يعني ما كان يوم الجمل وقال السدي ومقاتل والضحاك وقتادة هذا في قوم مخصوصين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أصابتهم الفتنة يوم الجمل وقال ابن عباس أمر الله عز وجل المؤمنين أن لا يقروا المنكربين أظهرهم فيعمهم الله بعذاب يصيب الظالم وغير الظالم أخبرنا محمد بن عبد الله بن أبي توبة أنا أبو طاهر الحارثي أنا محمد بن يعقوب الكسائي أنا عبد الله بن محمود أنا إبراهيم بن عبد الله الخلال ثنا عبد الله بن المبارك عن سيف بن سليمان قال سمعت عدي بن عدي الكندي يقول حدثني مولى لنا أنه سمع جدي يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن الله لا يعذب العامة بعمل الخاصة حتى يروا المنكر بين ظهرانيهم وهم قادرون على أن ينكروه فلا ينكروه فإذا فعلوا ذلك عذب الله العامة والخاصة وقال ابن زيد أراد بالفتنة افتراق الكلمة ومخالفة بعضهم بعضا
(٢٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 236 237 238 239 240 241 242 243 244 245 246 ... » »»