تفسير البغوي - البغوي - ج ٢ - الصفحة ٢٤٥
سورة الأنفال (31 33) 31 (وإذ تتلى عليهم آياتنا قالوا) يعني النضر بن الحارث (قد سمعنا لو نشاء لقلنا مثل هذا) وذلك أنه كان يختلف تاجر إلى فارس والحيرة فيسمع أخبار رستم واسفنديار وأحاديث العجم ويمر باليهود والنصارى فيراهم يركعون ويسجدون ويقرؤن التوراة والإنجيل فجاء إلى مكة فوجد رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي ويقرأ القرآن فقال النضر قد سمعنا لو نشاء لقلنا مثل هذا (إن هذا إلا أساطير الأولين) أخبار الأمم الماضية وأسماؤهم وما سطر الأولون في كتبهم والأساطير جمع أسطورة وهي المكتوبة من قولهم سطرت أي كتبت 32 قوله تعالى (وإذ قالوا اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك) الآية نزلت في النضر بن الحارث من بني عبد الدار قال ابن عباس لما قص رسول الله صلى الله عليه وسلم شأن القرون الماضية قال النضر لو شئت لقلت مثل هذا إن هذا إلا أساطير الأولين أي ما هذا إلا ما سطره الأولون في كتبهم فقال له عثمان بن مظعون رضي الله عنه اتق الله فإن محمدا يقول الحق فأنا أقول الحق قال عثمان فإن محمدا يقول لا إله إلا الله قال وأنا أقول لا إله إلا الله ولكن هذه بنات الله يعني الأصنام ثم قال اللهم إن كان هذا الذي يقول محمد هو الحق من عندك (والحق) نصب بخبر كان وهو عماد وأصله (فامطر علينا حجارة من السماء كما أمطرتها على قوم لوط (أو ائتنا بعذاب أليم) أي ببعض ما عذبت به الأمم وفيه نزل (سأل سائل بعذاب واقع) وقال عطاء لقد نزل في النضر بن الحارث بضع عشرة آية فحاق به ما سأل من العذاب يوم بدر قال سعيد بن جبير قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر ثلاثة صبرا من قريش طعيمة بن عدي وعقبة بن أبي معيط والنضر بن الحارث وروى أنس رضي الله عنه أن الذي قاله أبو جهل لعنه الله أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي أنا أحمد بن عبد الله النعيمي حدثنا محمد بن يوسف ثنا محمد بن إسماعيل ثنا محمد بن النضر ثنا عبيد الله بن معاذ ثنا أبي ثنا شعبة عن عبد الحميد صاحب الزيادي سمع أنس بن مالك قال قال أبو جهل اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم فنزلت (وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون وما لهم ألا يعذبهم الله 33 قوله تعالى (وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم) اختلفوا في معنى الآية فقال محمد بن إسحاق هذا حكاية عن المشركين أنهم قالوها وهي متصلة بالآية الأولى وذلك أنهم كانوا يقولون إن الله لا يعذبنا ونحن نستغفره ولا يعذب أمة ونبيها فيها فقال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم يذكر جهالتهم وغرتهم
(٢٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 240 241 242 243 244 245 246 247 248 249 250 ... » »»