تفسير البغوي - البغوي - ج ٢ - الصفحة ٢٣٤
سورة الأنفال (10 12) 10 قوله تعالى (وما جعله الله) يعني الإمداد بالملائكة (إلا بشرى) أي بشارة (ولتطمئن به قلوبكم وما النصر إلا من عند الله إن الله عزيز حكيم) 11 (إذ يغشيكم النعاس) قرأ ابن كثير وأبو عمرو (يغشاكم) بفتح الياء (النعاس) رفع على أن الفعل له لقوله تعالى في سورة آل عمران (أمنة نعاسا يغشى طائفة منكم) قرأ أهل المدينة (يغشيكم) بضم الياء وكسر الشين مخففا (النعاس) نصب لقوله تعالى (كأنما أغشيت وجوههم) وقرأ الآخرون بضم الياء وكسر الشين مشددا (النعاس) نصب على أن الفعل لله عز وجل لقوله تعالى (فغشاها ما غشى) والنعاس النوم الخفيف (أمنة) أمنا (منه) مصدر أمنت أمنا وأمنة وأمانا قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه النعاس في القتال أمنة من الله وفي الصلاة من الشيطان (وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به) وذلك أن المسلمين نزلوا يوم بدر على كثيب أعفر تسوخ فيه الأقدام وحوافر الدواب وسبقهم المشركون إلى ماء بدر وأصبح المسلمون بعضهم محدثين وبعضهم مجنبين وأصابهم الظمأ ووسوس إليهم الشيطان وقال تزعمون أنكم على الحق وفيكم نبي الله وأنكم على الحق وأنكم أولياء الله وقد غلبكم المشركون على الماء وأنتم تصلون محدثين ومجنبين فكيف ترجون أن تظهروا عليهم فأرسل الله عز وجل عليهم مطرا سال منه الوادي فشرب المؤمنون واغتسلوا وتوضأوا وسقوا الركاب وملؤا الأسقية وأطفأ الغبار ولبد الأرض حتى ثبتت عليها الأقدام وزالت عنهم وسوسة الشيطان وطابت أنفسهم فذلك قوله تعالى (وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به) من الأحداث والجنابة (ويذهب عنكم رجز الشيطان) وسوسته (وليربط على قلوبكم) باليقين والصبر (ويثبت به الأقدام) حتى لا تسوخ في الرمل بتلبيد الأرض وقيل يثبت به الأقدام بالصبر وقوة القلب 12 * (إذ يوحي ربك إلى الملائكة) * الذين امد بهم المؤمنين (أني معكم) بالعون والنصرة (فثبتوا الذين آمنوا) أي قووا قلوبهم قيل ذلك التثبيت حضورهم معهم القتال ومعونتهم أي ثبتوهم بقتالكم معهم المشركين وقال مقاتل أي بشروهم بالنصر وكان الملك يمشي أمام الصف
(٢٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 229 230 231 232 233 234 235 236 237 238 239 ... » »»