تفسير البغوي - البغوي - ج ٢ - الصفحة ١٣٨
(قل) يا محمد (لا أجد فيما أوحي إلي محرما) (على طاعم يطعمه) آكل يأكله (إلا أن يكون ميتة) قرأ بن عامر وأبو جعفر (تكون) بالياء (ميتة) رفع أي إلا أن تقع ميتة وقرأ ابن كثير وحمزة (تكون) بالياء (ميتة) نصب على تقدير اسم مؤنث أي إلا أن تكون النفس أي الجثة ميتة وقرأ الباقون بالياء (ميتة) نصب يعني إلا أن يكون المطعوم ميتة (أو دما مسفوحا) أي مهراقا سائلا قال ابن عباس يريد ما خرج من الحيوان وهن أحياء وما يخرج من الأوداج عند الذبح ولا يدخل في الكبد والطحال لأنهما جامدان وقد جاء الشرع بإباحتهما ولا ما اختلط باللحم من الدم لأنه غير سائل قال عمران بن جرير سألت أبا مجلز عما يختلط باللحم من الدم وعن القدر يرى فيها حمرة الدم فقال لا بأس به إنما نهى عن الدم المسفوح وقال إبراهيم لا بأس بالدم في عرق أو مخ إلا المسفوح الذي يعمد ذلك وقال عكرمة لولا هذه الآية لاتبع المسلمون من العروق ما يتبع اليهود (أو لحم خنزير فإنه رجس أو فسقا أهل لغير الله به) وهو ما ذبح على غير اسم الله تعالى فذهب بعض أهل العلم إلى أن التحريم مقصور على هذه الأشياء ويورى ذلك عن عائشة وابن عباس قالوا ويدخل في الميتة المنخنقة والموقوذة وما ذكر في أول سورة المائدة وأكثر العلماء على أن التحريم لا يختص بهذه الأشياء بل المحرم بنص الكتاب ما ذكر هنا ذلك معنى قوله تعالى (قل لا أجد فيما أوحي غلي محرما) وقد حرمت السنة أشياء يجب القول بها منها ما أخبرنا غسماعيل بن عبد القاهر ثنا عبد الغافر بن محمد بن عيسى الجلودي ثنا إبراهيم بن محمد بن سفيان ثنا مسلم بن الحجاج قال ثنا عبيد الله بن معاذ العنبري أخبرنا أبي أنا شعبة عن الحكم عن ميمون بن مهران عن ابن عباس قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكل كل ذي ناب من السباع وكل ذي مخلب من الطير أخبرنا أبو الحسن السرخسي ثنا زاهر بن أحمد ثنا أبو إسحق الهاشمي ثنا أبو مصعب عن مالك عن إسماعيل بن أبي حكيم عن عبيدة بن سفيان الحضرمي عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أكل كل ذي ناب من السباع حرام والأصل عند الشافعي أن ما لم يرد فيه نص تحريم أو تحليل فإن كان مما أمر الشرع بقتله كما قال خمس فواسق يقتلن في الحل والحرم أو نهي عن قتله كما روي عن قتله كما روي أنه نهى عن قطع النخلة وقتل النملة فهو حرام وما سوى ذلك فالمرجع فيه إلى الأغلب من عادات العرب فما يأكله الأغلب منهم حلال وما لا يأكله الأغلب منهم فهو حرام لأن الله تعالى خاطبهم بقوله (قل أحل لكم الطيبات) فثبت أن ما استطابوه فهو حلال (فمن اضطر غير باغ ولا عاد فإن ربك غفور رحيم) أباح الله أكل هذه المحرمات عند الاضطرار في غير العدوان سورة الأنعام (146) تفسير البغوي ج 2 / محيي الدين البغوي قوله عز وجل (وعلى الذين هادوا حرمنا) يعني اليهود (كل ذي ظفر) وهو ما لم يكن مشقوق الأصابع من البهائم والطير مثل البعير والنعامة والإوز والبط قال القتيبي هو كل ذي مخلب من الطير وكل
(١٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 133 134 135 136 137 138 139 140 141 142 143 ... » »»