تفسير البغوي - البغوي - ج ٢ - الصفحة ١٤٢
والميزان بالقسط) بالعدل (لا نكلف نفسا إلا وسعها) أي طاقتها في إيفاء الكيل والميزان لم يكلف المعطى أكثر مما وجب عليه ولم يكلف صاحب الحق الرضا بأقل من حقه حتى لا تضيق نفسه عنه بل أمر كل واحد منهما بما يسعه مما لا حرج عليه فيه (وإذ قلتم فاعدلوا) فاصدقوا في الحكم والشهادة (ولو كان ذا قربى) ولو كان المحكوم والمشهود عليه ذا قرابة (وبعهد الله أوفوا ذلكم وصاكم به لعلكم تذكرون) تتعظون قرأ حمزة والكسائي وحفص تذكرون خفيفة الذال كل القرآن والآخرون بتشديدها قال ابن عباس هذه الآيايت محكمات في جميع الكتب لم ينسخهن شيء وهن محرمات على بني آدم كلهم وهن أم الكتاب من عمل بهن دخل الجنة ومن تركهن دخل النار سورة الأنعام (153 154) تفسير البغوي ج 2 / محيي الدين البغوي (وأن هذا) أي هذا الذي أوصاكم به في هاتين الآيتين (صراطي) طريقي وديني (مستقيما) مستويا قويما (فاتبعوه) قرأ حمزة الكسائي وإن بكسر الألف على الاستئناف وقرأ الآخرون بفتح الألف قال الفراء والمعنى وأتل عليكم أن هذا صراطي مستقيما وقرأ ابن عامر ويعقوب بسكون النون (ولا تتبعوا السبل) أي الطرق المختلفة التي عدا هذا الطريق مثل اليهودية والنصرانية وسائر الملل وقيل الأهواء والبدع (فتفرق) فتميل (بكم) وتشتت (عن سبيله) عن طريقه ودينه الذي ارتضى وبه أوصى (ذلكم) الذي ذكرنا (وصاكم به لعلكم تتقون) أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الصمد الراني المعروف بأبي بكر بن الهيثم أخبر الحاكم أبو الفضل محمد بن الحسين الحدادي ثنا أبو بكر محمد بن يحيى بن خالد ثنا أبو يعقوب إسحق بن إبراهيم الحنظلي ثنا عبد الرحمن بن مهدي عن حماد بن زيد عن عاصم بن بهدلة عن أبي وائل عن عبد الله قال خط لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطا ثم قال هذا سبيل الله ثم خط خطوطا عن يمينه وعن شماله وقال هذه سبل على كل سبيل منها شيطان يدعو إليه ثم قرأ (وإن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه) الآية قوله عز وجل (ثم آتينا موسى الكتاب) فإن قيل لم قال (ثم آتينا) وحرف (ثم) للتعقيب وإيتاء موسى الكتاب كان قبل مجيء القرآن قيل معناه ثم أخبركم أنا آتينا موسى الكتاب فأدخل (ثم) لتأخير الخبر لا لتأخير النزول (تماما على الذي أحسن) اختلفوا فيه قيل تماما على المحسنين من قومه فيكون (الذي) بمعنى من أي على من أحسن من قومه وكان منهم محسن ومسيء يدل عليه قراءة ابن مسعود (على الذين أحسنوا) وقال أبو عبيدة معناه على كل من أحسن أي أتممنا فضيلة موسى بالكتاب على المحسنين يعني أظهرنا فضله عليها والمحسنون هم الأنبياء
(١٤٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 137 138 139 140 141 142 143 144 145 146 147 ... » »»