تفسير البغوي - البغوي - ج ٢ - الصفحة ١٤٠
(كذلك كذب الذين من قبلهم) بالتشديد ولو كان ذلك خبرا من الله عز وجل عن كذبهم في قولهم (لو شاء الله ما أشركنا) لقال كذلك كذب الذين من قبلهم بالتخفيف فكان نسبهم إلى الكذب لا إلى التكذيب وقال الحسن بن الفضل لو ذكروا هذه المقالة تعظيما وإجلالا لله عز وجل ومعرفة منهم به لما عابهم بذلك لأن الله تعالى قال (ولو شاء الله ما أشركوا) وقال (وما كانوا ليؤمنوا إلا أن يشاء الله) والمؤمنون يقولون ذلك ولكنهم قالوه تكذيبا وتخرصا وجدلا من غير معرفة بالله وبما يقولون نظيره قوله عز وجل (وقالوا لو شاء الرحمن ما عبدناهم) قال الله تعالى (ما لهم بذلك من علم إن هم إلا يخرصون) وقيل في معنى الآية إنهم كانوا يقولون الحق بهذه الكلمة إلا أنهم كانوا يعدونه عذرا لأنفسهم ويجعلونه حجة لأنفسهم في ترك الإيمان ورد عليهم في هذا لأن أمر الله بمعزل عن مشيئته وإرادته فإنه مريد لجميع الكائنات غير آمر بجميع ما يريد وعلى العبد أن يتبع أمره وليس له أن يتعلق بمشيئته فإن مشيئته لا تكون عذرا لأحد (قل هل عندكم من علم) أي كتاب وحجة من الله (فتخرجوه لنا) حتى يظهر ما تدعون على الله تعالى من الشرك وتحريم ما حرمتموه (إن تتبعون) ما تتبعون فيما أنتم عليه (إلا الظن) من غير علم ويقين (وإن أنتم إلا تخرصون) تكذبون سورة الأنعام (149 151) تفسير البغوي ج 2 / محيي الدين البغوي (قل فلله الحجة البالغة) التامة على خلقه بالكتاب والرسول والبيان (فلو شاء لهداكم أجمعين) فهذا يدل على أنه إيمان الكافر ولو شاء لهداه (قل هلم) يقال للواحد والاثنين والجمع (شهداءكم الذين يشهدون) أي إئتوا بشهدائكم الذين يشهدون (أن الله حرم هذا) هذا راجع إلى ما تقدم من تحريمهم الأشياء على أنفسهم ودعواهم أن الله أمرهم به (فإن شهدوا) وهم كاذبون (فلا تشهد) أنت (معهم ولا تتبع أهواء الذين كذبوا بآياتنا والذين لا يؤمنون بالآخرة وهم بربهم يعدلون) أي يشركون قوله عز وجل (قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم أن لا تشركوا به شيئا) وذلك ن المشركين سألوا وقالوا أي شيء الذي حرم الله تعالى فقال عز وجل (قل تعالوا أتل) أقرأ ما حرم ربكم عليكم حقا
(١٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 135 136 137 138 139 140 141 142 143 144 145 ... » »»