أنفسهم وهذا كقوله تعالى (وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقا) وقيل استمتاع الإنس بالجن ما كانوا يلقون إليهم من الأراجيف والسحر والكهانة وتزيينهم لهم الأمور التي يهوونها حتى يسهل فعلها عليهم واستمتاع الجن بالإنس طاعة الإنس لهم فيما يزينون لهم من الضلالة والمعاصي قال محمد بن كعب هو طاعة بعضهم بعضا وموافقة بعضهم لبعض (وبلغنا أجلنا الذي أجلت لنا) يعني القيامة والبعث (قال) الله تعالى (النار مثواكم) مقامكم (خالدين فيها إلا ما شاء الله) اختلفوا في هذا الاستثناء كما اختلفوا في قوله (خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض غلا ما شاء ربك) قيل أراد إلا قدر مدة ما بين بعثهم إلى دخولهم جهنم يعني خالدون في النار إلا هذا المقدار وقيل الاستثناء يرجع إلى العذاب وهو قوله (النار مثواكم) أي خالدين في النار سوى ما شاء الله من أنواع العذاب وقال ابن عباس الاستثناء يرجع إلى قوم سبق فيهم علم الله أنهم يسلمون فيخرجون من النار و (ما) بمعنى (من) على هذا التأويل (أن ربك حكيم عليهم) قيل حكيم بمن استثنى عليهم بما في قلوبهم من البر والتقوى (وكذلك نولي بعض الظالمين بعضا بما كانوا يكسبون) قيل أي كما خذلنا عصاة الجن والإنس حتى استمتع بعضهم ببعض نولي بعض الظالمين بعضا أي نسلط بعض الظالمين على بعض فنأخذ من الظالم بالظالم كما جاء (من أعان ظالما سلطه الله عليه) وقال قتادة نجعل بعضهم أولياء بعض فالمؤمن ولي المؤمن أين كان والكافر ولي الكافر حيث كان وروى معمر عن قتادة نتبع بعضهم بعضا في النار من الموالاة وقيل معناه نولي ظلمة الإنس ظلمة الجن ونولي ظلمة الجن ظلمة الإنس أي نكل بعضهم إلى بعض كقوله تعالى (نوله ما تولى) وروى الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس رضي الله عنهما في تفسيرها هو أن الله تعالى إذا أراد بقوم خيرا ولى أمرهم خيارهم وإذا أراد بقوم شرا ولى أمرهم شرارهم قوله عز وجل (يا معشر الجن والإنس ألم يأتكم رسل منكم) واختلفوا في أن الجن هل أرسل إليهم منهم رسول فسئل الضحاك عنه فقال بلى ألم تسمع الله يقول (ألم يأتكم رسل منكم) يعني بذلك رسلا من الإنس ورسلا من الجن قال الكلبي كانت الرسل من قبل أن يبعث محمد صلى الله عليه وسلم يبعثون إلى الجن والإنس جميعا ومحمد الرسول صلى الله عليه وسلم يبعث إلى الجن والإنس كافة قال مجاهد الرسل من الإنس والنذر من الجن ثم قرأ (ولوا إبلي قومهم منذرين) وهم قوم يسمعون كلام الرسل فيبلغون الجن ما
(١٣١)