تفسير البغوي - البغوي - ج ٢ - الصفحة ١٢٦
سورة الأنعام (118 120) الناس من يضل عن سبيله (وهو أعلم بالمهتدين) أخبر أنه أعلم بالفريقين الضالين والمهتدين فيجازى كلا بما يستحقون سورة الأنعام (118) قوله تعالى (فكلوا مما ذكر اسم الله عليه) أي كلوا مما ذبح على اسم الله إن (كنتم بآياته مؤمنين) وذلك أنهم كانوا يحرمون أصنافا من النعم ويحلون الأموات فقيل لهم أحلوا ما أحل الله وحرموا ما حرم الله سورة الأنعام (119) ثم قال (ومالكم) يعني أي شئ لكم (ألا تأكلوا) وما يمنعكم من أن تأكلوا (مما ذكر اسم الله عليه) من الذبائح (وقد فصل لكم ما حرم عليكم) قرأ أهل المدينة ويعقوب وحفص (فصل) و (حرم) بالفتح فيهما أي فصل الله ما حرمه عليكم لقوله (اسم الله) وقرأ ابن كثير وابن عامر ويعقوب وأبو عمرو بضم الفاء والحاء وكسر الصاد والراء على غير تسمية الفاعل لقوله (ذكر) وقرأ حمزة الكسائي وأبو بكر (فصل) بالفتح (حرم) بالضم وأراد بتفصيل المحرمات ما ذكرت في قوله تعالى (حرمت عليكم الميتة والدم) (إلا ما اضطررتم إليه) من هذه الأشياء فإنه حلال لكم عند الاضطرار (وإن كثيرا ليضلون) قرأ أهل الكوفة بضم الياء وكذلك قوله (ليضلوا) في سورة يونس لقوله تعالى (يضلوك عن سبيل الله) وقيل أراد به عمرو بن لحي فمن دونه من المشركين الذين اتخذوا البحائر والسوائب وقرأ الآخرون بالفتح لقوله (من يضل) (بأهوائهم بغير علم) حين امتنعوا من أكل ما ذكر اسم الله عليه ودعوا إلى أكل الميتة (إن ربك هو أعلم بالمعدين) الذين يجاوزون الحلال إلى الحرام سورة الأنعام (120) (وذروا ظاهر الإثم وباطنه) يعني الذنوب كلها لأنها لا تخلو من هذين الوجهين قال قتادة علانيته وسره وقال مجاهد ظاهره ما يعمله الإنسان بالجوارح من الذنوب وباطنه ما ينويه ويقصده بقلبه كالمصر على الذنب القاصد له قال الكلبي ظاهره الزنا وباطنه المخالفة وأكثر المفسرين على أن ظاهر الإثم الإعلان بالزنا وهم أصحاب الروايات وباطنه الاستسرار به وذلك أن العرب كانوا يحبون الزنا وكان الشريف منهم يتشرف فيسره وغير الشريف لا يبالي به فيظهره فحرمها الله عز وجل وقال سعيد بن جبير ظاهر الإثم نكاح المحارم وباطنه الزنا وقال ابن زيد إن ظاهر الإثم التجرد من الثياب
(١٢٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 121 122 123 124 125 126 127 128 129 130 131 ... » »»