نتبعه أبدا إلا أن يأتينا وحي كما يأتيه فأنزل الله عز وجل (وإذا جاءتهم آية) حجة على صدق محمد صلى الله عليه وسلم قالوا يعني أبا جهل (لن نؤمن حتى نؤتي مثل ما أوتي رسل الله) يعني محمدا صلى الله عليه وسلم ثم قال الله تعالى (الله أعلم حيث يجعل رسالته) قرأ ابن كثير وحفص رسالته على التوحيد وقرأ الآخرون رسالاته بالجمع يعني الله أعلم بمن هو أحق بالرسالة (سيصيب الذين أجرموا صغار) ذلك وهوان (عند الله) أي من عند الله (وعذاب شديد بما كانوا يمكرون) قيل صغار في الدنيا وعذاب شديد في الآخرة قوله عز وجل (فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام) أي يفتح قلبه وبنوره حتى يقبل الإسلام ولما نزلت هذه الآية سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن شرح الصدر قال نور يقذفه الله في قلب المؤمن فينشرح له وينفسخ قيل فهل لذلك أمارة قال نعم الإنابة إلى دار الخلود والتجافي عن دار الغرور والاستعداد للموت قبل نزول الموت قوله تعالى (ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا) قرأ ابن كثير (ضيقا) خفيف ههنا وفي الفرقان والباقون بالتشديد وهما لغتان مثل هين وهين ولين ولين (حرجا) قرأ أهل المدينة وأبو بكر بكسر الراء والباقون بفتحها وهما لغتان أيضا مثل الدنف والدنف المصدر كالطلب ومعناه ذا حرج وبالكسر الاسم وهو أشد الضيق يعني يجعل قلبه ضيقا حتى لا يدخله الإيمان وقال الكلبي ليس للخير فيه منفذ قال ابن عباس إذا سمع ذكر الله اشمأز قلبه وإذا ذكر شيء من عبادة الأصنام ارتاح إلى ذلك وقرأ عمر بن الخطاب رضي الله عنه هذه الآية فسأل أعرابيا من كنانة ما الحرجة فيكم قال الحرجة فينا الشجرة تكون بين الأشجار التي لا تصل إليها راعية ولا وحشية ولا شيء فقال عمر رضي الله عنه كذلك قلب المنافق لا يصل إليه شيء من الخير (كأنما يصعد في السماء) وقرأ ابن كثير (ويصعد) بالتخفيف وسكون الصاد والعين أي يتصعد يعني يشق عليه الإيمان كما يشق عليه صعود السماء وأصل الصعود المشقة ومنه قوله تعالى (سأرهقه صعودا) أي عقبة شاقة (كذلك يجعل الله الرجس على الذين لا يؤمنون) قال ابن عباس الرجس هو الشيطان أي يسلط عليه وقال الكلبي هو المأتم وقال
(١٢٩)