تفسير البغوي - البغوي - ج ١ - الصفحة ١١٠
سورة البقرة 120 121 صدق قال ابن عباس رضي الله عنهما بالقرآن دليله (بل كذبوا بالحق لما جاءهم) وقال ابن كيسان بالإسلام وشرائعه دليله قوله عز وجل (وقل جاء الحق) وقال مقاتل معناه لم نرسلك عبثا إنما أرسلناك بالحق كما قال (وما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما إلا بالحق) قوله عز وجل (بشيرا) أي مبشرا لأوليائي وأهل طاعتي بالثواب الكريم (ونذيرا) أي منذرا مخوفا لأعدائي وأهل معصيتي بالعذاب الأليم قرأ نافع ويعقوب (ولا تسأل) على النهي قال عطاء عن ابن عباس رضي الله عنهما وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ذات يوم \ ليت شعري ما فعل أبواي \ فنزلت هذه الآية وقيل هو على معنى قولهم لا تسأل عن شر فلان فإنه فوق ما تحسب وليس على النهي وقرأ الآخرون (ولا تسأل) بالرفع على النفي بمعنى ولست بمسئول عنهم كما قال الله تعالى (فإنما عليك البلاغ وعلينا الحساب) (عن أصحاب الجحيم) والجحيم معظم النار 120 قوله عز وجل (ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم قل إن هدى الله هو الهدى) وذلك أنهم يسألون النبي صلى الله عليه وسلم الهدنة ويطمعونه أنه إن أمهلهم اتبعوه فأنزل الله تعالى هذه الآية معناه أنك وإن هادنتهم فلا يرجون بها وإنما يطلبون ذلك تعللا ولا يرضون منك إلا باتباع ملتهم وقال ابن عباس رضي الله عنهما هذا في القبلة وذلك أن يهود المدينة ونصارى نجران كانوا يرجون النبي صلى الله عليه وسلم حين كان يصلي إلى قبلتهم فلما صرف الله القبلة إلى الكعبة أيسوا منه أن يوافقهم على دينهم فأنزل الله تعالى (ولن ترضى عنك اليهود) إلا باليهودية ولا النصارى إلا بالنصرانية والملة الطريقة (ولئن اتبعت أهواءهم) قيل الخطاب مع النبي صلى الله عليه وسلم والمراد به الأمة كقوله (لئن أشركت ليحبطن عملك) (بعد الذي جاءك من العلم) البيان بأن دين الله هو الإسلام والقبلة قبلة إراهيم عليه السلام وهي الكعبة (ما لك من الله من ولي ولا نصير) 121 (الذين آتيناهم الكتاب) قال ابن عباس رضي الله عنهما نزلت في أهل السفينة قدموا مع جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه وكانوا أربعين رجلا اثنان وثلاثون من الحبشة وثمانية من رهبان الشام منهم بحيرا وقال الضحاك هم ممن آمن من اليهود عبد الله بن سلام وشعبة بن عمرو وتمام بن يهودا وأسد وأسيد ابنا كعب وابن يامين وعبد الله بن صوريا وقال قتادة وعكرمة هم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم وقيل هم المؤمنون عامة (يتلونه حق تلاوته) قال الكلبي يصفونه في كتبهم حق صفته لمن سألهم من
(١١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 105 106 107 108 109 110 111 112 113 114 115 ... » »»