سورة البقرة 109 110 جملة كما أتى موسى بالتوراة فقال تعالى (أم تريدون) يعني أتريدون فالميم صلة وقيل بل تريدون أن تسألوا رسولكم محمدا صلى الله عليه وسلم (كما سئل موسى من قبل) سأله قومه (أرنا الله جهرة) وقيل إنهم سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا لن نؤمن لك حتى تأتي بالله والملائكة قبيلا كما أن موسى سأله قومه فقالوا أرنا الله جهرة ففيه منعهم عن السؤالات المقترحة بعد ظهور الدلائل والبراهين (ومن يتبدل الكفر بالإيمان) يستبدل الكفر بالإيمان (فقد ضل سواء السبيل) أخطأ وسط الطريق وقيل قصد السبيل 109 قوله تعالى (ود كثير من أهل الكتاب) الآية نزلت في نفر من اليهود قالوا لحذيفة بن اليمان وعمار بن ياسر بعد وقعة أحد لو كنتم على الحق ما هزمتم فارجعا إلى ديننا فنحن أهدى سبيلا منكم فقال لهم عمار كيف نقض العهد فيكم قالوا شديدا قال فإني قد عاهدت أن لا أكفر بمحمد صلى الله عليه وسلم ما عشت فقالت اليهود أما هذا فقد صبا وقال حذيفة أما أنا فقد رضيت بالله تعالى ربا وبمحمد نبيا وبالإسلام دينا وبالقرآن إماما وبالكعبة قبلة وبالمؤمنين إخوانا ثم أتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبراه بذلك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم \ قد أصبتما الخير وأفلحتما \ فأنزل الله تعالى (ود كثير من أهل الكتاب) أي تمنى وأراد كثير من أهل الكتاب من اليهود (لو يردونكم) يا معشر المؤمنين (من بعد إيمانكم كفارا حسدا) نصب على المصدر أي يحسدونكم حسدا (من عند أنفسهم) أي من تلقاء أنفسهم ولم يأمرهم الله بذلك (من بعد ما تبين لهم الحق) في التوراة أن قول محمد صلى الله عليه وسلم صدق ودينه حق (فاعفوا) فاتركوا (واصفحوا) وتجاوزوا فالعفو المحو والصفح الإعراض وكان هذا قبل آية القتال (حتى يأتي الله بأمره) بعذابه القتل والسبي لبني قريظة والجلاء والنفي لبني النضير وقال ابن عباس رضي الله عنهما وقال قتادة هو أمره بقتالهم في قوله (قاتلوا المشركين الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر) إلى قوله (وهم صاغرون) وقال ابن كيسان بعلمه وحكمه فيهم حكم لبعضهم بالإسلام ولبعضهم بالقتل والسبي والجزية (إن الله على كل شيء قدير) 110 (وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وما تقدموا) تسلفوا (لأنفسكم من خير) طاعة وعمل صالح (تجدوه عند الله) وقيل أراد بالخير المال كقوله تعالى (إن ترك خيرا) وأراد من زكاة أو صدقة تجدوه عند الله حتى الثمرة واللقمة مثل أحد (إن الله بما تعملون بصير)
(١٠٥)