تفسير البغوي - البغوي - ج ١ - الصفحة ١١٤
سورة البقرة 126 ريحا وقال لي كذا وكذا وقلت له كذا وكذا وغسلت رأسه وهذا موضع قدميه فقال ذاك إبراهيم النبي أبي وأنت العتبة أمرني أن أمسكك وروي عن سعيد بن جبير أيضا عن ابن عباس قال ثم لبثت عنهم ما شاء الله ثم جاء بعد ذلك وإسماعيل يبري نبلا تحت دوحة قريبة من زمزم فلما رآه قام إليه فصنعا كما يصنع الوالد بالولد والولد بالوالد ثم قال يا إسماعيل إن الله تعالى أمرني بأمر تعينني عليه قال أعينك عليه قال إن الله أمرني أن أبني ههنا بيتا فعند ذلك رفع القواعد من البيت فجعل إسماعيل يأتي بالحجارة وإبراهيم يبني فلما ارتفع البناء جاء بهذا الحجر فوضعه له فقام إبراهيم على الحجر المقام وهو يبني وإسماعيل يناوله الحجارة وهما يقولان (ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم) وفي الخبر \ الركن والمقام ياقوتتان من يواقيت الجنة ولولا مسته أيدي المشركين لأضاء ما بين المشرق والمغرب \ قوله عز وجل (وعهدنا إلى إبراهيم وإسماعيل) أي أمرناهما وأوصينا إليهما قيل سمي إسماعيل لأن إبراهيم كان يدعو الله أن يرزقه ولد ويقول اسمع يا إيل وإيل هو الله فلما رزق الولد سماه به (أن طهرا بيتي) يعني الكعبة أضافه إليه تخصيصا وتفضيلا أي ابنياه على الطهارة والتوحيد وقال سعيد بن جبير وعطاء طهراه من الأوثان والريب وقول الزور وقيل بخراه وخلقاه قاله يمان بن رباب قرأ أهل المدينة وحفص (بيتي) بفتح الياء ههنا وفي سورة الحج وزاد حفص في سورة نوح (للطائفين) الدائرين حوله (والعاكفين) المقيمين المجاورين (والركع) جمع راكع (السجود) ساجد وهم المصلون قال الكلبي ومقاتل الطائفين هم الغرباء والعاكفين أهل مكة قال عطاء ومجاهد وعكرمة الطواف للغرباء أفضل والصلاة لأهل مكة أفضل 126 (وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا) يعني مكة وقيل الحرم (بلدا آمنا) أي ذا أمن يأمن فيه أهله (وارزق أهله من الثمرات) إنما دعا بذلك لأنه كان بواد غير ذي زرع وفي القصص أن الطائف كانت من بلاد الشام بأردن فلما دعا إبراهيم عليه السلام هذا الدعاء أمر الله تعالى جبريل عليه السلام حتى قلعها من أصلها وأدارها حول البيت سبعا ثم وضعها موضعها الذي هي الآن فيه فمنها أكثر ثمرات مكة (من آمن منهم بالله واليوم الآخر) دعا للمؤمنين خاصة (قال) الله تعالى (ومن كفر فأمتعه) قرأ ابن عامر (فأمتعه) خفيفا بضم الهمزة والباقون مشددا ومعناهما واحد (قليلا) أي سأرزق الكافر أيضا قليلا إلى منتهى أجله وذلك أن الله تعالى وعد الرزق للخلق كافة مؤمنهم وكافرهم وإنما قيد بالقلة لأن متاع الدنيا قليل (ثم أضطره) أي ألجئه في الآخرة (إلى عذاب النار وبئس المصير) أي المرجع يصير إليه قال مجاهد وجد عند المقام كتاب فيه أنا الله
(١١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 109 110 111 112 113 114 115 116 117 118 119 ... » »»