تفسير البغوي - البغوي - ج ١ - الصفحة ١٠٩
سورة البقرة 117 119 فذهب جماعة إلى أن حكم الآية خاص وقال مقاتل هو راجع إلى عزير والمسيح والملائكة وعن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال هو راجع إلى أهل طاعته دون سائر الناس وذهب جماعة إلى أن حكم الآية عام في جميع الخلق لأن لفظ كل يقتضي الإحاطة بالشيء بحيث لا يشذ منه شيء ثم سلكوا في الكفار طريقين فقال مجاهد يسجد ظلالهم لله على كره منهم قال الله تعالى (وظلالهم بالغدو والآصال) وقال السدي هذا يوم القيامة دليله (وعنت الوجوه للحي القيوم) وقيل قانتون مذللون مسخرون لما خلقوا له 117 قوله عز وجل (بديع السماوات والأرض) أي مبدعها ومنشئها من غير مثال سبق (وإذا قضى أمرا) أي قدره وقيل أحكمه وأتقنه وأصل القضاء الفراغ ومنه قيل لمن مات قضي عليه لفراغه من الدنيا ومنه قضاء الله وقدره لأنه فرغ منه تقديرا أو تدبيرا (فإنما يقول له كن فيكون) قرأ ابن عامر (كن فيكون) بنصب النون في جميع المواضع إلا في آل عمران (كن فيكون الحق من ربك) وفي سورة الأنعام (كن فيكون قوله الحق) وإنما نصبها لأن جواب الأمر بالفاء يكون منصوبا وقرأ الآخرون بالرفع على معنى فهو يكون فإن قيل كيف قال (فإنما يقول له كن) والمعدوم لا يخاطب قيل قال ابن الأنباري معناه فإنما يقول له أي لأجل تكوينه فعلى هذا ذهب معنى الخطاب وقيل هو وإن كان معدوما ولكنه لما قدر وجوده وهو كائن لا محالة كان كالموجود فصح الخطاب 118 قوله عز وجل (وقال الذين لا يعلمون) قال ابن عباس رضي الله عنهما اليهود وقال مجاهد النصارى وقال قتادة مشركو العرب (لولا) هلا (يكلمنا الله) عيانا بأنك رسوله وكل ما في القرآن (لولا) فهو بمعنى هلا إلا واحدا وهو قوله (فلولا أنه كان من المسبحين) معناه فلو لم يكن (أو تأتينا آية) دلالة علامة على صدقك قال الله تعالى (كذلك قال الذين من قبلهم) أي كفار الأمم الخالية (مثل قولهم تشابهت قلوبهم) أي أشبه بعضهم بعضا في الكفر والقسوة وطلب المحال (قد بينا الآيات لقوم يوقنون) 119 (إنا أرسلناك بالحق) أي بالصدق كقوله (ويستبؤنك أحق هو قل أي وربي إنه لحق) أي
(١٠٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 104 105 106 107 108 109 110 111 112 113 114 ... » »»