تفسير البغوي - البغوي - ج ١ - الصفحة ١٠٤
سورة البقرة 107 108 فأخبروه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم \ تلك سورة رفعت بتلاوتها وأحكامها \ وقيل كانت سورة الأحزاب مثل سورة البقرة فرفع أكثرها تلاوة وحكما ثم من نسخ الحكم ما يرفع ويقام غيره مقامه كما أن القبلة نسخت من بيت المقدس إلى الكعبة والوصية للأقارب نسخت بالميراث وعدة الوفاة نسخت من الحول إلى ربعة اشهر وعشر ومصابرة الواحد العشر في القتال سخت بمصابرة الاثنين ومنها ما يرفع ولا يقام غيره مقامه كامتحان النساء والنسخ إنما يعترض على الأوامر والنواهي دون الأخبار أما الآية فقوله (ما ننسخ من آية) قراءة العامة بفتح النون والسين من النسخ أي ترفعا وقرأ ابن عاصم بضم النون وكسر السين من الانساخ له وجهان أحدهما جعله في المنسوخ والثاني أن نجعله في المنسوخ نسخة لك يقال نسخت الكتاب أي كتبته وأنسخته غيري إذا جعلته نسخة له أو ننسها أي ننسها عن قلبك وقال ابن عباس رضي الله عنهما نتركها لا ننسخها قال الله تعالى (نسوا الله فنسيهم) أي تركوه فتركهم وقيل ننسها أي نأمر بتركها يقال أنسيت الشيء إذا أمرت بتركه فيكون النسخ الأول من رفع الحكم وإقامة غيره مقامه والإنساء يكون نسخا من غير إقامة غيره مقامه وقرأ ابن كثير وأبو عمرو أو ننسأها بفتح النون الأول والسين مهموز أي نؤخرها فلا نبدلها يقال نسأ الله في أجله وأنسأ الله أجله في معناه قولان أحدهما نرفع تلاوتها ونؤخر حكمها كما فعل في آية الرجم فعلى هذا يكون النسخ الأول بمعنى رفع التلاوة والحكم والقول الثاني قال سعيد بن المسيب وعطاء أما ما نسخ من آية فهو ما قد أتى ونزل من القرآن جعلاه من النسخة أو ننسأها أي نؤخرها ونتركها في اللوح المحفوظ فلا تنزل (نأت بخير منها) أي بما هو أنفع لكم وأسهل عليكم وأكثر لأجركم لا أن آية خير من آية لأن كلام الله واحد وكله خير (أو مثلها) في المنفعة والثواب فكل ما نسخ إلى الأيسر فهو أسهل في العمل وما نسخ إلى الأشق فهو في الثواب أكثر (ألم تعلم أن الله على كل شيء قدير) من النسخ والتبديل لفظه استفهام ومعناه تقرير أي إنك تعلم 107 (ألم تعلم أن الله له ملك السماوات والأرض وما لكم) يا معشر الكفار عند نزول العذاب (من دون الله) مما سوى الله (من ولي) قريب وصديق وقيل وال وهو القيم بالأمور (ولا نصير) ناصر يمنعكم من العذاب 108 قوله (أم تريدون أن تسألوا رسولكم) نزلت في اليهود حين قالوا يا محمد ائتنا بكتاب من السماء
(١٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 99 100 101 102 103 104 105 106 107 108 109 ... » »»