سورة البقرة 105 106 (انظرونا نقتبس من نوركم) قال مجاهد معناه فهمنا (واسمعوا) ما تؤمرون به وأطيعوا (وللكافرين) يعني اليهود (عذاب أليم) 105 قوله تعالى (ما يود الذين كفروا من أهل الكتاب) وذلك أن المسلمين كانوا إذا قالوا لحلفائهم من اليهود آمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم قالوا ما هذا الذي تدعوننا إليه بخير مما نحن عليه ولوددنا لو كان خيرا فأنزل الله تكذيبا لهم ما يود الذين أي ما يجب وما يتمنى الذين كفروا من أهل الكتاب يعني اليهود (ولا المشركين) جره بالنسق على من (أن ينزل عليكم من خير من ربكم) أي خير ونبوة و (من) صلة (والله يختص برحمته) بنبوته (من يشاء والله ذو الفضل العظيم) والفضل ابتداء احسان بلا علة وقيل المراد بالرحمة الإسلام والهداية وقيل معنى الآية إن الله تعالى بعث الأنبياء من ولد إسحاق فلما بعث النبي صلى الله عليه وسلم من ولد إسماعيل لم يقع ذلك بود اليهود ومحبتهم وأما المشركون فإنما لم يقع بودهم لأنه جاء بتفضيحهم وعيب آلهتهم فنزلت الآية فيه 106 قوله عز وجل (ما ننسخ من آية أو ننسها) وذلك أن المشركين قالوا إن محمدا يأمر أصحابه بأمر ثم ينهاهم عنه ويأمرهم بخلاف ما يقوله إلا من تلقاء نفسه يقول اليوم قولا ويرجع عنه غدا كما أخبر الله (وإذا بدلنا آية مكان آية والله أعلم بما ينزل) قالوا إنما أنت مفتر وأنزل (وما ننسخ من آية أو ننسها) فبين وجه الحكمة في النسخ بهذه الآية والنسخ في اللغة شيئان أحدهما بمعنى التحويل والنقل ومنه نسخ الكتاب وهو أني حول من كتاب إلى كتاب فعلى هذا الوجه كل القرآن منسوخ لأنه نسخ من اللوح المحفوظ والثاني يكون بمعنى الرفع يقال نسخت الشمس الظل أي ذهبت به وأبطلته فعلى هذا يكون بعض القرآن ناسخا وبعضه منسوخا وهو المراد من الآية وهذا على وجوه أحدها أن يثبت الخط وينسخ الحكم مثل آية الوصية للأقارب وآية عدة الوفاة بالحول وآية التخفيف في القتال وآية الممتحنة ونحوها وقال ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى (ما ننسخ من آية) ما نثبت خطها ونبدل حكمها ومنها أن يرفع تلاوتها ويبقي حكمها مثل آية الرجم ومنها أن يرفع أصلا عن المصحف وعن القلوب كما روي عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف أن قوما من الصحابة رضي الله عنهم قاموا ليلة ليقرؤا سورة فلم يذكروا منها إلا بسم الله الرحمن الرحيم فغدوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم
(١٠٣)