تفسير البغوي - البغوي - ج ١ - الصفحة ١٠٢
سورة البقرة 103 104 الله تعالى قال مجاهد إن هاروت وماروت لا يصل إليهما أحد ويختلف فيما بينهما شيطان في كل مسألة اختلافة واحدة (فيتعلمون منها ما يفرقون به بين المرء وزوجه) وهو أن يؤخذ كل واحد عن صاحبه ويبغض كل واحد إلى صاحبه قال الله تعالى (وما هم) قيل أي السحرة وقيل الشياطين (بضارين به) أي بالسحر (من أحد) أي أحدا (إلا بإذن الله) أي بعلمه وتكوينه فالساحر يسحر والله يكون قال سفيان الثوري معناه إلا بقضائه وقدرته ومشيئته (ويتعلمون ما يضرهم) يعني السحر يضرم (ولا ينفعهم ولقد علموا) يعني اليهود (لمن اشتراه) أي اختار السحر (ماله في الآخرة) أي في الجنة (من خلاق) من نصيب (ولبئس ما شروا به) باعوا به (أنفسهم) حظ أنفسهم حيث اختارواالسحر والكفر على الدين والحق (لو كانوا يعلمون) فإن قيل أليس قد قال (ولقد علموا لمن اشتراه ما معنى قول تعالى (لو كانوا يعلمون) بعدما أخبر أنهم علموا قيل أراد بقوله ولقد علموا يعني الشياطين وقوله (لو كانوا يعلمون) يعني اليهود وقيل كلاهما في اليهود ولكنهم لما لم يعلموا بما علموا فكأنهم لم يعلموا 103 (ولو أنهم آمنوا) بمحمد صلى الله عليه وسلم والقرآن (واتقوا) اليهودية والسحر (لمثوبة من عند الله خير) لكان ثواب الله إياهم خيرا لهم (لو كانوا يعلمون) 104 قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا راعنا) وذلك أن المسلمين كانوا يقولون راعنا يا رسول الله من المراعاة أي أرعنا سمعك أي فرغ سمعك لكل منا يقال أرعى الله الشيء وأرعاه أي أصغى إليه واستمعه وكانت هذه اللفظة سبا قبيحا بلغة اليهودية وقيل كان معناها عندهم اسمع لا سمعت وقيل هي من الرعونة كانوا إذا أرادوا أن يحمقوا إنسانا قالوا راعنا بمعنى يا أحمق فلما سمع اليهود هذه اللفظة من المسلمين قالوا فيما بينهم كنا نسب محمدا سرا فأعلنوا به الآن فكانوا يأتونه ويقولون راعنا يا محمد ويضحكون فيما بينهم فسمعها سعد بن معاذ ففطن لها وكان يعرف لغتهم فقال لليهود لئن سمعتها من أحد منكم يقولها للرسول صلى الله عليه وسلم لأضربن عنقه فقالوا أولستم تقولونها فأنزل الله تعالى (لا تقولوا راعنا) لكيلا يجد اليهود بذلك سبيلا إلى شتم رسول الله صلى الله عليه وسلم (وقولوا انظرنا) أي انظر إلينا وقيل انتظرنا وتأن بنا يقال نظرت بفلان وانتظرته ومنه قوله تعالى
(١٠٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 97 98 99 100 101 102 103 104 105 106 107 ... » »»