تفسير البغوي - البغوي - ج ١ - الصفحة ٩١
سورة البقرة 85 85 قوله عز وجل (ثم أنتم هؤلاء) يعني يا هؤلاء وهؤلاء للتنبيه (تقتلون أنفسكم) أي يقتل بعضكم بعضا (وتخرجون فريقا منكم من ديارهم تظاهرون عليهم) بتشديد الظاء أي تتظاهرون أدغمت التاء في الظاء وقرأ عاصم وحمزة والكسائي بتخفيف الظاء فحذفوا تاء التفاعل وأبقوا تاء الخطاب كقوله تعالى (ولا تعاونوا) معناهما جميعا تتعاونون والظهير العون (بالإثم والعدوان) بالمعصية والظلم (وإن يأتوكم أسارى) قرأ حمزة (اسرى) وهما جمع أسير ومعناهما واحد (تفادوهم) بالمال وتنقذوهم وقرأ أهل المدينة وعاصم والكسائي ويعقوب تفادوهم أي تبادلوهم أراد مفاداة الأسير بالأسير وقيل معنى القراءتين واحد ومعنى الآية قال السدي إن الله تعالى أخذ على بني إسرائيل في التوراة أن لا يقتل بعضهم بعضا ولا يخرج بعضهم بعضا من ديارهم وأيما عبد أو أمة وجدتموه من بني إسرائيل فاشتروه بما قام من ثمنه وأعتقوه وكانت قريظة حلفاء الأوس والنضير حلفاء الخزرج وكان يقتلون في حرب سنين فيقاتل بنو قريظة مع حلفائهم وبنو النضير مع خلفائهم وإذا غلبوا خربوا ديارهم وأخرجوهم منها وإذا أسر رجل من الفريقين جمعوا له حتى يفدوه وإن كان الأسير من عدوهم فتعيرهم العرب ويقولون كيف تقاتلونهم وتفدونهم قالوا إنا أمرنا أن نفديهم فيقولون فلم تقاتلوهم قالوا إنا نستحي أن تذل حلفاؤنا فعيرهم الله تعالى فقال (ثم أنتم هؤلاء تقتلون أنفسكم) وفي الآية تقديم وتأخير ونظمها وتخرجون فريقا منكم من ديارهم تظاهرون عليهم بالإثم والعدوان (وهو محرم عليكم إخراجهم) وإن يأتوكم أسارى تفادوهم فكان الله تعالى أخذ عليهم أربعة عهود ترك القتال وترك الإخراج وترك المظاهرة عليهم مع أعدائهم وفداء أسرائهم فأعرضوا عن الكل إلا الفداء قال الله تعالى (أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض) قال مجاهد يقول إن وجدته في يد غيرك فديته وأنت تقتله بيدك (فما جزاء من يفعل ذلك منكم) يا معشر اليهود (إلا خزي) عذاب وهوان (في الحياة الدنيا) فكان خزي بني قريظة القتل والسبي وخزي بني النضير الجلاء والنفي من منازلهم إلى أذرعات وأريحاء من الشام (ويوم القيامة يردون إلى أشد العذاب) وهو عذاب النار (وما الله بغافل عما تعملون) قرأ ابن كثير ونافع وأبو بكر بالياء والباقون بالتاء
(٩١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 96 ... » »»