يقع في الماء وإذا جذر البحر جاءت السباع فأكلت منها فما وقع منها يصير ترابا، فإذا ذهبت السباع جاءت الطير فأكلت منها، فما سقط قطعته الريح في الهواء، فلما رأى ذلك إبراهيم تعجب منها وقال: يا رب قد علمت لتجمعنها فأرني كيف تحييها لأعاين ذلك؟
وقال ابن زيد مر إبراهيم بحوت ميت نصفه في البر ونصفه في البحر فما كان، في البحر فدواب البحر تأكله، وما كان منه في البر فدواب البر تأكله، فقال له، إبليس الخبيث متى يجمع الله هذه الاجزاء من بطون هؤلاء فقال: رب أرني كيف تحيى الموتى، قال: أو لم تؤمن؟ قال: بلى ولكن ليطمئن قلبي، بذهاب وسوسة إبليس منه أخبرنا أبو نعيم الأصفهاني فيما أذن لي في روايته قال: حدثنا عبد الله بن محمد ابن جعفر قال: حدثنا محمد بن سهل قال: حدثنا سلمة بن شبيب قال: حدثنا إبراهيم ابن الحكم بن أبان قال: حدثنا أبي قال: كنت جالسا مع عكرمة عند الساحل، فقال عكرمة: إن الذين يغرقون في البحار تقسم الحيتان لحومهم فلا يبقى منهم شئ إلا العظام فتلقيها الأمواج على البر فتصير حائلة نخرة، فتمر بها الإبل فتأكلها فتبعر، ثم يجئ قوم فيأخذون ذلك البعر فيوقدون فتخمد تلك النار، فتجئ ريح فتسفي ذلك الرماد على الأرض، فإذا جاءت النفخة خرج أولئك وأهل القبور سواء، وذلك قوله تعالى - فإذا هم قيام ينظرون -.
وقال محمد بن إسحاق بن يسار: إن إبراهيم لما احتج على نمروذ فقال: ربي الذي يحيى ويميت، وقال نمروذ أنا أحيى وأميت، ثم قتل رجلا وأطلق رجلا، قال:
قد أمت ذلك وأحييت هذا، قال له إبراهيم: فإن الله يحيى بأن يرد الروح إلى جسد ميت، فقال له نمروذ: هل عاينت هذا الذي تقوله؟ ولم يقدر أن يقول نعم رأيته، فتنقل إلى حجة أخرى، ثم سأل ربه أن يريه إحياء الميت لكي يطمئن قلبه عند الاحتجاج، فإنه يكون مخبرا عن مشاهدة وعيان.