وآمنا بنبيكم وبما أنزل من كتاب، فأنتم تعرفون نبينا ثم تركتموه وكفرتم به حسدا، وكانت هذه خصومتهم، فأنزل الله تعالى فيهم هذه الآية، وهذا قول قتادة.
* قوله تعالى: (أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا) الآية. قال المفسرون:
كان مشركوا أهل مكة يؤذون أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا يزالون يجيئون من مضروب ومشجوج، فشكوهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيقول لهم: اصبروا فإني لم أومر بالقتال حتى هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله تعالى هذه الآية. وقال ابن عباس: لما أخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة قال أبو بكر رضي الله عنه: إنا الله لنهكن، فأنزل الله تعالى " أذن للذين يقاتلون " الآية. قال أبو بكر فعرفت أنه سيكون قتال.
* قوله تعالى: (وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي) قال المفسرون:
لما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم تولي قومه عنه وشق عليه ما رأى من مباعدتهم عما جاءهم به، تمنى في نفسه أن يأتيه من الله تعالى ما يقارب به بينه وبين قومه، وذلك لحرصه على إيمانهم، فجلس ذات يوم في ناد من أندية قريش كثير أهله، وأحب يومئذ أن لا يأتيه من الله تعالى شئ ينفر عنه، وتمنى ذلك، فأنزل الله تعالى سورة - والنجم إذا هوى - فقرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بلغ - أفرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى - ألقى الشيطان على لسانه لما كان يحدث به نفسه وتمناه، تلك الغرانيق العلى وإن شفاعتهن لترتجي، فلما سمعت قريش ذلك فرحوا، ومضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في قراءته فقرأ السورة كلها، وسجد في آخر السورة فسجد المسلمون بسجوده وسجد جميع من في المسجد من المشركين، فلم يبق في المسجد مؤمن ولا كافر إلا سجد إلا الوليد بن المغيرة وأبا أحيحة سعيد بن العاص، فإنهما أخذا حفنة من البطحاء ورفعاها إلى جبهتهما وسجدا عليهما، لأنهما كانا شيخين كبيرين فلم يستطيعا السجود، وتفرقت قريش وقد سرهم ما سمعوا وقالوا: قد ذكر محمد آلهتنا بأحسن الذكر، وقالوا:
قد عرفنا أن الله يحيى ويميت ويخلق ويرزق لكن آلهتنا هذه تشفع لنا عنده، فإن جعل