أحد أضيق بلادا ولا أقل مالا ولا أشد عيشا منا، سل لنا ربك الذي بعثك بما بعثك فليسير عنا هذه الجبال التي ضيقت علينا، ويبسط لنا بلادنا ويجرى فيها أنهارا كأنهار الشام والعراق، وأن يبعث لنا من مضى من آبائنا، وليكن ممن يبعث لنا منهم قصي ابن كلاب فإنه كان شيخا صدوقا، فنسألهم عما تقول حق هو، فإن صنعت ما سألناك صدقناك وعرفنا به منزلتك عند الله وأنه بعثك رسولا كما تقول، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما بهذا بعثت إنما جئتكم من عند الله سبحانه بما بعثني به، فقد بلغتكم ما أرسلت به ما، فإن تقبلوا فهو حظكم في الدنيا والآخرة، وإن تردوه أصبر لأمر الله، قالوا: فإن لم تفعل هذا فسل ربك أن يبعث لنا ملكا يصدقك، وسله فيجعل لك جنانا وكنوزا وقصورا من ذهب وفضة ويغنيك بها عما نراك، فإنك تقوم في الأسواق وتلتمس المعاش، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أنا بالذي يسأل ربه هذا وما بعثت بهذا إليكم، ولكن الله تعالى بعثني بشيرا ونذيرا قالوا: فأسقط علينا كسفا من السماء كما زعمت، أن ربك إن شاء فعل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك إلى الله إن شاء فعل، فقال قائل منهم: لن نؤمن لك حتى تأتي بالله والملائكة قبيلا، وقال عبد الله بن أمية المخزومي، وهو ابن عاتكة بنت عبد المطلب ابن عمة النبي صلى الله عليه وسلم: لا أو من بك أبدا حتى تتخذ إلى السماء سلما وترقى فيه وأنا أنظر حتى تأتيها، وتأتي بنسخة منشورة معك ونفر من الملائكة يشهدون لك أنك كما تقول، فانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهله حزينا بما فاته من متابعة قومه، ولما رأى من مباعدتهم منه، فأنزل الله تعالى - وقالوا لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعا - الآيات.
أخبرنا سعيد بن أحمد بن جعفر قال: أخبرنا أبو علي بن أبي بكر الفقيه قال:
أخبرنا أحمد بن الحسين بن الجنيد قال: حدثنا زياد بن أيوب قال: حدثنا هشام، عن عبد الملك بن عمير عن سعيد بن جبير قال: قلت له قوله - لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعا - أنزلت في عبد الله بن أبي أمية؟ قال: زعموا ذلك. (*)