فلم ير شيئا كان أوجع لقلبه منه، وقال: والله لأقتلن بك سبعين منهم، فنزلت - وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين - أخبرنا أبو حسان المزكى قال: أخبرنا أبو العباس محمد بن إسحاق قال: حدثنا يحيى بن عبد الحميد الحماني قال: حدثنا قيس عن أبي ليلى، عن الحكم، عن مقسم، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم قتل حمزة ومثل به: لئن ظفرت بقريش لأمثلن بسبعين رجلا منهم، فأنزل الله عز وجل - وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين - فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
بل نصبر يا رب.
قال المفسرون: إن المسلمين لما رأوا ما فعل المشركون بقتلاهم يوم أحد من تبقير البطون وقطع المذاكير والمثلة السيئة، قالوا حين رأوا ذلك: لئن ظفرنا الله سبحانه وتعالى عليهم لنزيدن على صنيعهم ولنمثلن بهم مثلة لم يمثلها أحد من العرب بأحد قط ولنفعلن ولنفعلن، ووقف رسول الله صلى الله عليه وسلم على عمه حمزة وقد جدعوا أنفه وقطعوا مذاكيره وبقروا بطنه، وأخذت هند بنت عتبة قطعة من كبده فمضغتها ثم استرطتها لتأكلها، فلم تلبث في بطنها حتى رمت بها، فبلغ ذلك نبي الله صلى الله عليه وسلم فقال: أما إنها لو أكلته لم تدخل النار أبدا، حمزة أكرم على الله من أن يدخل شيئا من جسده النار، فلما نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى حمزة نظر إلى شئ لم ينظر إلى شئ كان أوجع لقلبه منه، فقال رحمة الله عليك، إنك ما علمت كنت، وصولا للرحم، فعالا للخيرات، ولولا حزن من بعدك عليك لسرني أن أدعك حتى تحشر من أجواف شتى، أما والله لئن أظفرني الله تعالى بهم لأمثلن بسبعين منهم مكانك، فأنزل الله تعالى - وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به - الآية، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:
بلى نصبر، وأمسك عما أراد، وكفر عن يمينه.
قال الشيخ الامام الأوحد أبو الحسن: ونحتاج أن نذكر ههنا مقتل حمزة. أخبرنا عمرو بن أبي عمرو المزكى قال: أخبرنا محمد بن مكي قال: أخبرنا محمد بن يوسف قال: